الفضل بن سهل السرخسي

(تم التحويل من فضل بن سهل السرخسي)
الفضل بن سهل
Al-Ma'munCoinHistoryofIran.jpg
دينار ذهبي عباسي، بإسم الخليفة المأمون والفضل مع لقبه "ذو الرئاستين"
وُلِدَح. 770
خراسان، الدولة العباسية
توفي13 فبراير 818
سرخس، الدولة العباسية (حالياً في إيران)
المهنةوزير ومسئول عباسي
سنوات النشاطح. 813 – 817
العصرالدولة العباسية
الوالد(ان)
  • سهل السرخسي (الأب)
الأقاربالحسن (شقيق)
بوران (ابنة أخيه)

الفضل بن سهل السرخسي (154-202هـ/771-818م) هو أبو العباس السرخسي الفضل بن سهل بن زاذا نفروخ الملقب بذي الرياستين سليل ملوك المجوس، أخو الحسن بن سهل. من قرية من السيب الأعلى تُعرف بصابر نيتا قرب سرخس.

ومبدأ أمره أن سهلاً والد الفضل اتَّصل بسلام بن الفرج مولى يحيى بن خالد البرمكي أيام الرشيد وأسلم على يديه، وسهّل له سلام مخالطة البرامكة، ثمَّ إن سهلاً أحضر ابنيه الفضل والحسن، فاتصل الفضل بن سهل بالفضل بن جعفر الذي قلَّده قهرمته (الوكيل الخاص لشؤونه الداخلية)، واتصل الحسن بالعباس بن الفضل بن يحيى، ورعى يحيى بن خالد لهما ولايتهما. ونقل الفضل بن سهل ليحيى كتاباً من الفارسية إلى العربية، فأعجب يحيى بفهمه وبجودة عبارته وتوسمّ فيه خيراً، وقرظه عند الرشيد، ودعاه إلى الإسلام سبيلاً إلى الرفعة وطريقاً للإحسان إليه، وأرسله إلى ابنه جعفر بن يحيى ليُسلم على يديه ويدخله إلى المأمون وهو ولي العهد. وأدخله جعفر إلى المأمون فأسلم الفضل بن سهل على يدي المأمون ونال بره وإحسانه ورزقاً جارياً مع الحشم، ولم يزل ملازماً الفضل بن جعفر حتى أصيب البرامكة، فلزم المأمون وصار وزيره. ولما ثبت أمر المأمون بعد مقتل علي بن ماهان قائد جيش الخليفة الأمين وهزيمة جيشه، واستُخلف رَفَعَ منزلة الفضل بن سهل الناصح له بمنازلة الأمين، وفوَّض له أموره كلها وسماه ذا الرياستين لتدبير أمر السيف والقلم، وولى أخاه الحسن بن سهل ديوان الخراج.

إسلام الفضل

كان آل سهل أو السلالة التي عُرِفت بالسَهْلِيّة من أهل سرخس في شرق إيران. عندما دخلوا التاريخ الإسلامي بإتقان كامل للأدب العربي والفارسي، كانوا لا يزالون كتّاباً زرادشتيين؛ في الواقع، كان بنو سهل مُرَبيي البرامكة، العائلة المعروفة من دهاقين الديوان الزرادشتيين.[1] فقط في عام 190 هـ/805 م، أسلم الفضل بن سهل، وزير المأمون الشهير، على يد الخليفة.[2]

الدور السياسي للفضل في عهد المأمون

برز الدور السياسي للفضل بن سهل عندما اختار هارون الرشيد ابنه الأمين وليًا للعهد، ثم عين ابنه الثاني المأمون كولي عهد ثانٍ، وسلمه حكم المناطق الشرقية للخلافة الإسلامية من همدان إلى خراسان والسند بشكل مستقل[3]. كان الفضل بن سهل الكاتب والسياسي للمأمون، ممثل الإيرانيين في بلاط العباسيين. سعى الفضل إلى الحفاظ على حق المأمون في الخلافة ودعمه ضد أخيه ومحيطه.[4] ربما كانت الخطوة الأولى التي اتخذها الفضل لتحقيق طموحاته هي إقناع المأمون بالذهاب مع والده إلى خراسان، لجمع أنصاره هناك وإبعاده عن سيطرة الأمين. لا شك أن دافع ابن سهل في تشجيع المأمون على البقاء في خراسان ومساعدته في رفض طلب الأمين للعودة إلى بغداد كان بدوافع شخصية.[5] في الواقع، كان ابن سهل الذي سعى لجعل المأمون خليفة، يحلم بأن تصبح مرو عاصمة هذه الخلافة بدلاً من بغداد، ويعيد مجد خراسان.[6] رسم هذا الوزير الإيراني سياسة للمأمون كان من الواجب عليه اتباعها، وهي:

  1. الاحتماء بخراسان؛ لأن الخراسانيين بسبب قربهم منه لن ينقضوا البيعة أبداً؛
  2. اتباع سياسة دينية متواضعة؛
  3. الاهتمام الشخصي بأمور الحكم والاستجابة للمظالم.[7]

هدف الفضل في جهاز الدولة العباسي

كان هدفه إبعاد القائدين طاهر بن الحسين وهرثمة بن أعين عن العراق واحتكار السلطة. بناءً على توصية وزيره، عزل المأمون طاهر بن الحسين من العراق وعين أخاه الحسن بن سهل مكانه، وأرسل هرثمة بن أعين إلى خراسان. أدى إبعاد هذين القائدين من العراق، بالإضافة إلى عدم كفاءة الحسن بن سهل في إدارة الأمور، إلى تفاقم الاضطرابات هناك؛ لكن المأمون لم يكن على علم بهذه الثورات المناهضة لحكمه؛ لأنه كان في مرو، وكان الفضل بن سهل يمنع وصول أخبار بغداد إليه ويخفي عنه الأمور. منح الخليفة لقب "ذو الرياستين" (صاحب الرئاستين: المدنية والعسكرية) كهدية لمكافأة وزيره. يشير هذا اللقب إلى النفوذ الواسع الذي حققه هذا الرجل الإيراني. إلى جانب هذه الصفة، تمتع الفضل أيضًا بامتياز الإمارة. كان أول وزير يُمنح لقبًا، وأول وزير يجمع بين اللقب والإمارة في نفس الوقت؛ كان يُدعى "الوزير الأمير"، كما تم تفويض إدارة الحكومة إليه.[8]

علاقة الفضل بالمأمون

تأثر المأمون بالوضع السياسي الخاص الذي وجد نفسه فيه خلال الصراع مع أخيه الأمين، خاصة عندما نعلم أن هذا الصراع حمل صبغة شعوبية، وأن الفضل بن سهل - الذي كان تجسيدًا للطموحات الفارسية - وقف بقوة خلفه حتى ضمن له النصر؛ ومن ثم لم يجد المأمون مفرًا من تلبية مشاعر الإيرانيين.[9][10]

تم استقبال حكم الحسن بن سهل (أخو الفضل) بعدم الرضا والقلق. كان طاهر بن الحسين، فاتح بغداد الذي كان يتمتع بنفوذ وقوة كبيرة بين الجنود، غير راضٍ عن هذا التعيين. كما أن هرثمة بن أعين، القائد العربي الذي خدم المأمون في فتح بغداد، قام بالتحريض ضده. رأى العباسيون في بغداد هذا الاختيار دليلاً على ضعف المأمون وسيطرة الفضل (الإيرانيين)، بينما رأى العلويون في هذا الخلاف فرصة مناسبة للثورة.

مأثورات

وكان الفضل يتشيّع، وكانت فيه فضائل مميزة وكان خبيراً بعلم النجامة مصيباً في أحكامه فيه. وكان له نظر وأقوال مأثورة تنم على عقل راجح، فقد عتب الفضل على بعض أصحابه فأعتبه وراجع محبته فقال الفضل:

إنها محنة الكرام إذا ما

أجرموا أو تجرموا الذنب تابوا

واستقاموا على المحبة للإخـ

وان فيما ينوبهم وأنابوا

وقال مرة: «رأيت جملة البخل سوء الظن بالله تعالى وجملة السخاء حسن الظن بالله تعالى». واعتلَّ يوماً ولما شُفي جلس للناس فهنؤوه وتصرفوا بالكلام فقال: «إن في العلل لنعماً ينبغي للعقلاء أن يعلموها. تمحيص للذنب وتعرض لثواب الصبر، وإيقاظ من الغفلة، وإذكار للنعمة في حال الصحة، واستدعاء للتوبة، وحضٌ على الصدقة، وفي قضاء الله وقدره بعد الخيار».

ومدحه ابراهيم بن العباس الصولي بقوله:

لفضل بن سهل يد تقاصر عنها المثل
فبسطتها للغنى وسطوتها للأجل
وباطنها للندى وظاهرها للقبل

وقال رجل له: «أسكتني عن وصفك تساوي أفعالك في السؤدد» وقال فيه الشاعر عبد الله بن محمد:

لعمرك ما الأشراف في كل بلدة وإن عظموا للفضل إلا صنائع
ترى عظماء الناس للفضل خشعاً إذا ما بدا والفضل لله خاشع
تواضع لما زاده الله رفعة وكل جليل عنده متواضع

وكان الفضل حلقة في سلسلة من رواة حديث مسند واحد.

وفاته

أدرك المأمون أن البقاء في مرو كان عديم الجدوى وأن بغداد لا يمكن إدارتها بدون حضور الخليفة. كان العودة إلى العاصمة المركزية تعني العودة إلى التقاليد العربية التي جسّدتها بغداد، عاصمة أسلافه. من خلال إجراءات وزيره، اقتنع المأمون بأنه كان يدبّر مؤامرة من الداخل للسيطرة الكاملة على الحكومة واستعادة إيران منه ومن المحتلين العرب الآخرين؛ hence سعى للتخلّص منه كضرورة سياسية. في بداية رحلته إلى بغداد، في مدينة سرخس، دبّر المأمون مؤامرة لاغتيال الفضل بن سهل في شعبان 202 هـ / 818 م.[11]

ولما ثقل أمر الفضل بن سهل على المأمون ورأى فيه تهديداً لسلطانه، قرر الخروج من مرو والتوجه إلى بغداد، ولاسيما بعد أن تبين له أن الفضل كان يتعمد إخفاء الفتن التي انتشرت في العراق عنه ولاسيما بعد أن بايع المأمون علي الرضا بن موسى الكاظم بولاية عهده، وأمر جنوده بطرح السواد شعار العباسيين ولبس الثياب الخضر شعار العلويين وفي خلال الطريق قتل وزيره الفضل بن سهل وهو في الحمام بمدينة سرخس، وتظاهر بالبراءة من قتله، فقتل به عدة رجال وخادمه سراجاً، وعزّى أخاه الحسن بن سهل. رثاه مسلم بن الوليد المعروف بصريع الغواني ودعبل الخزاعي وابراهيم بن العباس.

وكان من أسباب قتله قوله:

إن مأمون هاشم أصله مكـ ـة منها آباؤه وجدوده
غير أنا نحن الذين غذونا ه بماء العلا فأورق عوده
من خراسان أتبع الأمر فيهم وتوشت للناظرين بروده
قد نصرنا المأمون حتى حوى الملـ ك ففينا طريفه وتلاده

المصادر

يوسف الأمير علي. "الفضل بن سهل السرخسي". الموسوعة العربية.

المراجع

  1. ^ قالب:استشهاد بموسوعة
  2. ^ فراي, ريتشارد نيلسون (2006). تاريخ إيران من ظهور الإسلام إلى مجيء السلاجقة: من انهيار الساسانيين إلى مجيء السلاجقة. أمير كبير. p. 495.
  3. ^ فراي, ريتشارد نيلسون (2006). تاريخ إيران من ظهور الإسلام إلى مجيء السلاجقة: من انهيار الساسانيين إلى مجيء السلاجقة. أمير كبير. p. 65.
  4. ^ طقوش, محمد سهيل (2011). الدولة العباسية. الحوزة والجامعة. p. 125.
  5. ^ طقوش, محمد سهيل (2011). الدولة العباسية. الحوزة والجامعة. p. 126.
  6. ^ طقوش, محمد سهيل (2011). الدولة العباسية. الحوزة والجامعة. p. 127.
  7. ^ طقوش, محمد سهيل (2011). الدولة العباسية. الحوزة والجامعة. p. 129.
  8. ^ طقوش, محمد سهيل (2011). الدولة العباسية. الحوزة والجامعة. p. 132.
  9. ^ طقوش, محمد سهيل (2011). الدولة العباسية. الحوزة والجامعة. p. 134.
  10. ^ Bosworth, C. Edmund (1999). FAŻL, b. SAHL b. Zādānfarrūḵ (in الإنجليزية).
  11. ^ طقوش, محمد سهيل (2011). الدولة العباسية. الحوزة والجامعة. pp. 148–149.

مراجع للاستزادة

  • الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد (دار صادر، بيروت د. ت).
  • ابن الأثير، الكامل في التاريخ (دار الكتاب العربي، بيروت 1967).
  • الجهشياري، الوزراء والكتاب (دار الفكر الحديث، بيروت 1988).
  • أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني، معجم الشعراء (دار الكتب العلمية، بيروت 1982).