إپكتتس
إپكتتس | |
---|---|
Epictetus | |
![]() An artistic impression of Epictetus | |
وُلِدَ | 55 |
توفي | نيكوپوليس، اليونان |
العصر | الفلسفة القديمة |
المنطقة | الفلسفة الغربية |
المدرسة | الرواقية |
الاهتمامات الرئيسية | الأخلاق |
التأثر
| |
التأثير
|
إپكتتس/أبكتاتوس (باليونانية: Ἐπίκτητος، بالإنجليزية: Epictetus؛ 55 م - 135 م) فيلسوف رواقي روماني، قال أن معين السعادة هو النفس لا الأشياء الخارجية. دعا إلى الأخاء، ولم يكتب شيئاً، فروى عنه تلميذه أريان.
إبيكتيتوس فيلسوف يوناني ينتمي إلى المدرسة الفلسفية التي أسسها زينون الرواقي صاحب نظرية المدينة الكونية Cosmopolis.
كان إبيكتيتوس عبداً لأفروديت عتيقة «نيرون». وتعلم الحكمة على الفيلسوف الرواقي موزُنيوس روفوس Musonius Rufus لكنه أعتق بعد وفاة «نيرون» عام 68م. وفي عام 89م نفاه الامبراطور الديكتاتور دوميتيانوس Domitian من رومة فرحل إلى مدينة نيكوبوليس Nicopolis حيث قضى بقيّة عمره يعلم الفلسفة ومات فيها.
المعروف عن إبيكتيتوس أنه لم يخلف كتباً، لكن تعاليمه وصلتنا عن طريق تلميذه آريانوس Arrian الذي جمعها في كتابين هما: «المحادثات» Discourses المؤلف من أربعة أجزاء، و«الدليل المختصر» Manual.
وأهم تعاليمه الأخلاقية موجودة في نظريته حول الواجبات التي يضعها في ثلاثة أصناف هي: واجبات نحو الذات، وواجبات نحو الآخرين، وواجبات نحو الله.
فالواجبات نحو الذات تعني العناية بطهارة الجسد والروح، وطهارة الجسد بالماء، أما طهارة الروح فتكون بتجنّب الآراء السيئة عن الأشياء الخارجية التي تلوّث الروح، وبالاعتصام بالآراء المنسجمة مع الطبيعة أو العقل. لذلك كان يقول وهو عبد: إنه حر.
أما الواجبات نحو الآخرين فهي ممارسة الإنسان طبيعته الاجتماعية بوصفه عضواً في دولة هي جزء من الدولة العالمية، ويقول: «من أجل الكل (أي المجتمع) عليك أن تتعرض للمرض أحياناً، للترحال والأخطار أحياناً، وللعوز أحياناً، وللموت المبكر أحياناً».
وأما الواجبات نحو الله فتقوم على أساس الاعتقاد بأن العالم مدينة كونية واحدة يقيم فيها البشر والآلهة معاً.
قصة الحضارة
وُلِدَ ابكتتس في هيرابوليس Hierapolis من أعمال فريجيا عام 50م، وكانت أمه جارية فكان هو لهذا السبب عبداً. ولم تُتَح له فرصة للتعلم لأنه صار يتنقل من سيد إلى سيد، ومن مدينة إلى مدينة، حتى وجد نفسه مملوكاً لإفروديتس Epaphroditus وهو معتوق ذو سلطة في بلاط نيرون، وكان ضعيف الجسم أعرج، ولعل سبب ضعفه وعرجه هو وحشية أحد أسياده، ولكنه عاش السبعين عاماً التي يعيشها الرجل العادي. وقد سمح له إفروديتس أن يستمع إلى محاضرات موسنيوس روفس، ثم حرره فيما بعد وما من شك في أن إبكنتس قد اشتغل معلماً في روما، لأنه كان بيم من فروا منها حين نفى دومتيان الفلاسفة. ثم استقر في نقوبوليس واجتذب إلى محاضراته فيها طلاباً من جميع الأنحاء منهم أريان النيقوميدي الذي أصبح فيما بعد حاكم طبدوكيا. وقد دون أريان عبارات ابكنتس، وأكبر الظن أنه دونها بطريقة الاختزال ثم نشرها بإسم "Diatribai" أي عبارات "ممسوحة" أو نسخ - وهي التي تُذكر الآن بين قوائم أحسن الكتب في العالم بعنوان أحاديث Discourses وليس هذا الكتاب رسالة ثقيلة مملة، بل هي حديث بسيط جيد، وفكاهة حلوة، تكشف في وضوح عن خُلق متواضع حنون، ولكنه خلق قوي صارم. وكان ابكنتس يستخدم سخريته اللاذعة للاستهزاء بنفسه وبغيره على السواء، ويسخر في مرح من أسلوبه الجاف الخالي من التنميق. ولم يشك قد حين سمع دمناكس الأعزب العجوز ينصح الناس بالزواج، وأراد أن يسخر منه فتقدّم إليه يخطب ابنته. وقد برر عدم زواجه بحجة أن في تعليم الفلسفة خدمة لا تقل عظمة عن ولادة "طفلين أو ثلاثة أطفال فُطَس الأنوف". واتخذ لنفسه في آخر أيامه زوجة تساعده على العناية بطفل أنجاه من الموت بسبب تعرضه لتقلبات الجو. وذاع صيته في جميع أنحاء الإمبراطوريّة في تلك الأيام، وكان هدريان يعدّه من بين أصدقائه.
وكان ابكنتس شبيهاً بسقراط في هذا وفي نواحٍ أخرى كثيرة، ولكنه لم يعنَ بالطبيعة أو بما وراء الطبيعة عناية تحمله على إنشاء نظام فكري، بل كان موضوعه الأوحد الذي يشغف به ويوجه إليه كل عنايته هو الحياة الصالحة. ومن أقواله في هذا المعنى: "ماذا يهمني من أن تكون الأشياء الموجودة على ظهر الأرض مكونة كلها من ذرات... أو من النار والتراب؟ أليس يكفيني أن أعرف حق المعرفة ما هو الطيّب وما هو الخبيث؟"(25). وليست الفلسفة في رأيه هي قراءة ما في الكتب من حكمة، بل هي تدريب الإنسان نفسه على اتباع الحكمة. وجوهر المسألة أن يشكل الإنسان حياته وسلوكه بحيث لا تتأثر سعادته بالظروف الخارجية إلا أقل التأثر. وهذا لا يتطلب منه أن يكون موقفه من الحياة موقف النُسّاك، بل إن "الابيقوريين، وأسافل الناس" ملومون لأنهم يحولون بين الناس وبين أداء الخدمات العامة، والرجل الصالح يقوم بنصيبه في الشؤون الدينية، ولكنه يرضى، وهو هادئ مطمئن، بجميع صروف الزمان: من فقر، وحرمان، وإذلال، وألم، ورق، وسجن، وموت. ويعرف كيف "يصبر وينبذ".
"لا تقل عن شيء ما" "إني فقدته" بل قُل فقط "إنني رددته". هل مات لك طفل؟ لقد رُدّ. هل ماتت لك زوجة؟ لقد أُعيدت. "لقد اُغتصبت مني مزرعتي". حسن جداً هذه أيضاً قد رُدّت. وما دام الله قد وهبك إياها فاعتنِ بها على أنها ليست لك... "أسفي على أنني أعرج!" أيها العبد! أتؤنب الكون لأنك فقدت ساقاً حقيرة؟ ألا يليق بك أن تنزل عنها هبة خالصة للكون كله؟... وإذا أُرغمت على الخروج من بلدي منفيّا، فهل في مقدور أحد من الناس أن يمنعني أن أخرج مبتسماً هادئاً؟... "سألقيك في السجن". إنك لن تسجن إلا جسمي، وسأموت حتماً، فهل يجب إذن أن أموت شاكياً؟... تلك هي الدروس التي يجب أن تبدأها الفلسفة وتعيدها، وتدونها كل يوم، وتمارسها... ليست منصّة الخطابة وليس السجن إلا مكانين، أحدهما عالٍ والآخر منخفض، ولكن هدفك الأخلاقي يجب أن يكون واحداً في كلتا الحالين(27).
وفي مقدور العبد أن يكون حر الروح كديجين، وفي وسع السجين أن يكون حراً كسقراط، وقد يكون الإمبراطور عبداً كنيرون(28)، وليس الموت نفسه إلا حادثاً عارضاً في حياة الرجل الصالح، في وسعه أن يستعجله إذا تبين أن الشرّ يرجح كثيراً على الخير(29). وخليق به على أية حال أن يستقبله في هدوء، وأن يرى فيه جزءاً من حكمة الطبيعة المكنونة.
"لو أن سنابل الحب كان لها إحساس، فهل كانت ترجو ألا تُحصد؟... إني أُحبّ أن تعلم أنك لو عِشتَ أبد الدهر لكان عيشك هذا نقمة... إن السفينة تغرق، فماذا أفعل إذن؟ مهما استطعتُ أن أفعل... فسأغرق دون أن أخشى شيئاً أو أن أحجم أو أجدّف في حق الله. بل أعتقد أن من يولد لابد أن يهلك. ذلك أني جزء من الكل كما أن الساعة جزء من اليوم. عليّ أن أجيء كما تجيء الساعة، وأن أنقضي كما تنقضي(30)... يجب ألا تعُد نفسك أكثر من خيط واحد بين جميع الخيوط التي يتكون منها الثوب(31)... لا تسعَ لأن يكون ما يحدث لك يحدث كما تحب، بل أحِب أن يحدث ما حدث كما حدث، فإن فعلت وجدت الهدوء والطمأنينة"(32).
وكثيراً ما يتحدث ابكنتس عن الطبيعة بوصفها قوة غير ذات شخصية، ولكنه في كثير من الأحيان أيضاً يجعل لفكرته عن الطبيعة شخصية، وذكاء، وعاطفة حب. وترى الجو الديني الذي كان يسود عصره يغمر فلسفته ويحيلها تقوى مُستَسلمة شبيهة بتقوى الإمبراطور الذي قرأ فلسفته وردد صدى أفكاره بعد زمن قليل. فهو يتحدّث حديثاً بليغاً رقيقاً عن النظام الفخم الذي يسود الزمان والمكان، وعمّا في الطبيعة من خطط موضوعة، ولكنه ينتقل من هذا ليقول إن "الله قد خلق بعض الحيوانات لكي يؤكل وبعضها الآخر لكي يعمل في المزارع، وبعضها لكي يُخرج الجبن"(33)، وهو يعتقد أن العقل البشري نفسه أداة عجيبة لا يستطيع أن يوجدها إلا إله خالق، وأننا وقد وُجدت لنا عقول لابد أن نكون في الواقع أجزاء من العقل العالمي. ولو أننا استطعنا أن نرجع بأنسابنا إلى الإنسان الأول لوجدنا أنه من أبناء الله، فالله إذن أبونا جميعاً بالمعنى الحرفي للفظ الأبوة، والناس كلهم اخوة(34).
"لم يحجم من راقب تصريف شؤون العالم وفهمها وعرف أن أعظم المجتمعات وأوسعها هو نظام (سستيما Systema أي الوقوف الاجماعي) الخلق والله، وأن الله هو الذي انبعثت منه الأصول التي نشأت منها جميع الأشياء وخاصة الكائنات العاقلة، لم يحجم عن أن يُسمي نفسه مواطناً عالياً... أو بعبارة أصح: ابن الله؟ وإذا استطاع الإنسان أن يؤمن بهذا المبدأ بقلبه وروحه فأكبر ظني أنه لم تخالجه قط فكرة دنيئة أو غير شريفة... فلا تنسَ إذن وأنت تأكل، من أنت الذي يأكل، ومن هو الذي تغذيه، وإذا ما ضاجعت النساء، فأذكر من أنت الذي تفعل هذا... إنك تحمل الله معك... أنت أيها التعس المسكين، وإن كنت لا تعرف(35)!
ويحث ابكتتس طلابه في فقرة خليقة بأن يكتبها القديس بولص أن يسلموا إرادتهم لله في ثقة واطمئنان، وألا يقتصروا على هذا بل أن يكونوا فضلاً عن ذلك رُسُلاً لله بين بني الإنسان فيقول:
يقول الله: "اذهبوا وكونوا شهداء لي على الناس"(36)... وفكروا في المعنى الذي ينطوي عليه قولكم: "لقد بعثني الله إلى العالم لأكون جندياً من جنوده وشاهداً من شهوده، ولأُخبر الناس أن أحزانهم ومخاوفهم عبثٌ وبطلان، وأن الشر لا يمكن أيصيب الرجل الطيّب، حيّاً كان أو ميّتاً. والله يبعثني يوماً هنا ويوماً هناك، ويؤدبني بالفقر وبالسجن، لكي أكون شاهداً حقاً له بين الناس. وإذا ما قمت بهذه الرسالة، فهل يعنين أي مكان أكون فيه، أو من يكون رفاقي، أو ماذا يُقال عني؟ أجل ألا تكون فطرتي كلها منجذبة نحو الله، ونحو شرائعه ووصاياه"(37). أما هو نفسه فقد كان غموض الأشياء ولآلئها يملأنه رهبة وشكراً، وهو يترنم للخالق بتسبيحة وثنية تُعد من أروع الفقرات في تاريخ الأديان.
"أية لغة ترقى إلى الثناء على جميع أعمال العناية الإلهية؟... أفما كان خليقاً بنا، لو كانت لنا عقول، أن نصرف وقتنا كله في التغني بمجد الإله والتسبيح بحمده، والتحدث بنعمه؟ أليس من واجبنا ونحن نحفر الأرض ونفلحها، ونأكل من ثمارها، أن تلهجَ ألسنتنا بالثناء عليه؟ - وماذا بعد هذا؟ - أما وقد أصبحت كثرتكم الغالبة عمياء، أفلا يجب أن يكون هناك إنسان يؤدي هذا الواجب بدلاً منكم، وينوب عنكم جميعاً في التغنّي بمدح الله؟"(38).
إنا لنجد في هذه الفقرات تشابهاً عجيباً بينها وبين كثير من أفكار المسيحية الأولى وإن كنا لا نرى فيها كلمة واحدة عن الخلود، وإن كان في وسعنا أن نرجع بها جميعاً إلى عقائد الرواقيين والكلبيين. والحق أن ابكتتس لَيَتقدم أحياناً على المسيحية يتقدم عليها في تنديده بالاسترقاق، وفي وجوب تحريم عقوبة الإعدام، وفي مناداته بأن يُعامل المجرمون على أنهم مرضى يحتاجون إلى العلاج(39). وهو يدعو الناس إلى أن يحاسبوا ضميرهم في كل يوم من أيام حياتهم(40)، ويضع لهم قاعدة من نوع القواعد الذهبية: "لا تكُن سبباً في أن يتعذّب الناس بما لا تحب أن تتعذب به أنت"(41)، ويضيف إلى ذلك قوله: "إذا قيل لك إن إنساناً يتحدث عنك حديث السوء، فلا تُدافع عن نفسك بل قُل: إنه لو عرف سائر عيوبي لما ذكر هذه وحدها"(42). وهو ينصح الناس بأن يجزوا الإساءة بالإحسان، "وألا يردوا الشتم إذا شُتموا!"(44). وأن يصوموا من حين إلى حين، وأن "يمتنعوا عما يشتهون"(45). وتراه أحياناً يتحدّث عن الجسم باحتقار مزرٍ كالذي يتحدّث به عنه الناسك الذي لم يتطهر بعد من ذنوبه: "إن الجسم أقذر الأشياء جميعاً وأخبثها... ومن أغرب الأشياء أن نحبّ هذا الشيء ونؤدي له هذه الخدمات العجيبة في كل يوم. أنا أملأ هذا الكيس، ثم أفرغه، فهل ثمة عمل أكثر من هذا مشقة؟"(46).
ومن أقوال ابكتتس فقرات تنطق بتقى أوغسطين وفصاحة نيومن Newman؛ "تصرّف فيَّ يارب كما تشاء؛ إن عقلي منك وإليك؛ أنا ملك لك. ولست أطلب أن أعفى من شيء ترى أنت أنه خير. اهدني إلى حيث تريد، واكسني بما تشاء من الثياب"(47)، وهو يأمر أتباعه كما يأمرهم عيسى بألا يهتموا بأمر غد. "إذا كان الله خالقنا، وأبانا، ووليّنا - أفلا يكفي هذا لأن يردعنا الحزن والخوف! ويتساءل بعض الناس: من أين أطعَم إذا لم يكن عندي ما أطعمه؟ ولكن ماذا تقول عن الحيوانات، يكتفي كل منها بنفسه، ولا يعدم ما يصلح له من الطعام، ولا ينقصه ما يوائمه ويتمشى مع طبقته من أساليب الحياة؟".
وهل من عجب بعد هذا أن يثني عليه المسيحيون أمثال القدّيس يوحنا وكريستوم وأوغسطين، وأن يتّخذ كتابه "الموجز" بعد تغيير طفيف قاعدة لحياة النساء في الأديرة ومرشداً لهنّ؟(49). ومن يدري لعلّ أبكتتس قد قرأ أقوال عيسى في صورة ما وأنه قد اعتنق المسيحية على غير علمٍ منه.
وصلات خارجية
- أعمال من Epictetus في مشروع گوتنبرگ
- Works by Epictetus at the Internet Classics Archive
- Epictetus entry in the Stanford Encyclopedia of Philosophy by Margaret Graver
- إپكتتس entry in the Internet Encyclopedia of Philosophy
- Dialogue between Hadrian and Epictetus - a fictitious 2nd or 3rd century composition, translated into English in The Knickerbocker magazine, August 1857
- Commentary on the Enchiridion of Epictetus by Simplicius of Cilicia (6th century)