أخبار:وفاة سام نجوما (٩٥) مؤسس ناميبيا
في 9 فبراير 2025 أعلنت ناميبيا وفاة سام نجوما عن عمر يناهز 95 عاماً، والمعروف "بأب الأمة"، وهو المناضل الذي قاد ناميبيا إلى الاستقلال عن جنوب أفريقيا عام 1990، وكان أول رئيساً للبلاد لمدة 15 عاماً.
وأعلن الرئيس الناميبي الحالي نانگولو مبومبا وفاة نجوما، وقال إن نجوما توفي مساء أمس بعد نقله إلى المستشفى في العاصمة ويندهوك، وقال مبومبا في بيان "لقد اهتزت أسس جمهورية ناميبيا، وعلى مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، تم نقل الرئيس المؤسس لجمهورية ناميبيا والأب المؤسس للأمة الناميبية إلى المستشفى لتلقي العلاج الطبي والمراقبة الطبية بسبب اعتلال صحته". وأضاف مبومبا "للأسف، هذه المرة، لم يتمكن الرجل الأكثر شجاعة في بلادنا من التعافي من مرضه، مضيفا :"نجوما قاد الشعب الناميبي خلال أحلك ساعات نضالنا من أجل التحرير".[1]
أبو الأمة الناميبية
كان نجوما يحظى بالاحترام في وطنه ناميبيا باعتباره شخصية كاريزمية قاد البلاد إلى الديمقراطية والاستقرار بعد الحكم الاستعماري الطويل من قبل ألمانيا وحرب الاستقلال المريرة عن جنوب أفريقيا. وأمضى نجوما ما يقرب من 30 عاماً في المنفى كزعيم لحركة الاستقلال قبل أن يعود للانتخابات البرلمانية في أواخر عام 1989، وهي أول انتخابات ديمقراطية في البلاد، ونتخبه المشرعون رئيساً بعد أشهر في عام 1990 عندما تم تأكيد استقلال ناميبيا. كان نجوما آخر قادة جيل من الزعماء الأفارقة الذين أخرجوا بلدانهم من الحكم الاستعماري أو حكم الأقلية البيضاء، والذي ضم نلسون مانديلا من جنوب أفريقيا، وروبرت موگابى من زمبابوي، وكنيث كاوندا من زامبيا، وجوليوس نيريري من تنزانيا، وسامورا ميشيل من موزمبيق.
ويرى العديد من الناميبيين أن قيادة نجوما كانت سبباً في عملية الشفاء والمصالحة الوطنية بعد الانقسامات العميقة التي سببتها حرب الاستقلال وسياسات جنوب أفريقيا في تقسيم البلاد إلى حكومات إقليمية على أساس عرقي، مع توفير التعليم والرعاية الصحية بشكل منفصل لكل عرق. حتى خصومه السياسيين أشادوا بنجوما، الذي وُصف بأنه ماركسي واتُّهم بقمع المعارضة بلا رحمة أثناء وجوده في المنفى، لتأسيسه دستوراً ديمقراطياً وإشراك رجال الأعمال والسياسيين البيض في الحكومة بعد الاستقلال.
وعلى الرغم من براجماتيته وجهوده لبناء الأمة في بلاده، فقد كان نجوما يتصدر عناوين الصحف الأجنبية بسبب خطابه العنيف المناهض للغرب، ففي مؤتمر للأمم المتحدة في جنيڤ عام 2000، أذهل نجوما الوفود عندما زعم أن مرض الإيدز هو سلاح بيولوجي من صنع الإنسان. لقد حظر ذات مرة جميع البرامج التلفزيونية الأجنبية، معلناً أنها أفسدت شباب ناميبيا، وقام نجوما ببناء علاقات مع كوريا الشمالية وكوبا وروسيا والصين، وبعض هذه الدول دعمت حركة تحرير ناميبيا من خلال توفير الأسلحة والتدريب. لكنه حقق توازناً بين ذلك وبين التواصل مع الغرب، وكان نجوما أول زعيم أفريقي يستضيفه الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون في البيت الأبيض عام 1993، ووصف كلينتون نجوما بأنه "جورج واشنطن بلاده" و"بطل حقيقي لحركة العالم نحو الديمقراطية". كما دعا نجوما إلى النهوض بالمرأة في منطقة يهيمن عليها الذكور إلى حد كبير، قائلاً: "لا يوجد نقص في النساء الأفريقيات الكفؤات والمتمرسات لقيادة الطريق إلى الأمام"، إذ انتخبت ناميبيا أول رئيسة لها نهاية عام 2024، ومن المقرر أن تبدأ فترة ولاية الرئيسة المنتخبة نتومبو ناندي ندايتواه مارس 2025.
نشأ نجوما في أسرة ريفية فقيرة، وكان الأكبر بين 11 طفلاً، وكانت حياته المبكرة تدور حول رعاية ماشية والديه وزراعة الأرض، والتحق بمدرسة تبشيرية قبل أن ينتقل إلى ويندهوك ويعمل في السكك الحديدية في جنوب إفريقيا. وأُلقي القبض عليه في أعقاب احتجاج سياسي في عام 1959 وفر من المنطقة بعد فترة وجيزة من إطلاق سراحه ليذهب إلى المنفى في تنزانيا.
وفي المنفى، ساعد في تأسيس منظمة شعب جنوب غرب أفريقيا وعُين رئيساً لها عام 1960، وكان حزب سوابو هو الحزب الحاكم في ناميبيا منذ عام 1990، وفي النهاية قاده نجوما لمدة 47 عامًا حتى تنحيه عام 2007. عندما رفضت جنوب أفريقيا الانصياع لقرار الأمم المتحدة الصادر عام 1966 والذي أنهى التفويض الممنوح لها على المستعمرة الألمانية في جنوب غرب أفريقيا بعد الحرب العالمية الأولى، أطلق نجوما حملة حرب العصابات التي قادتها منظمة سوابو. قال نجوما ذات مرة: "لقد بدأنا النضال المسلح بمدفعين رشاشين ومسدسين فقط، بالإضافة لبعض الذخيرة". لم تحقق منظمة سوابو أي نصر عسكري في حرب الاستقلال التي استمرت أكثر من عشرين عامًا، لكن نجوما نال دعمًا سياسيًا واسع النطاق أثناء منفاه، مما أدى إلى إعلان الأمم المتحدة أن منظمة سوابو هي الممثل الوحيد للشعب الناميبي، وانسحاب جنوب أفريقيا في النهاية من البلاد. كان نجوما يدرك افتقاره إلى التعليم عندما كان يختلط بزعماء العالم، فترك المدرسة مبكرًا للعمل ثم التحق بمدرسة ليلية، وذلك لتحسين لغته الإنجليزية إلى حد كبير، وقال إنه كرس حياته بدلاً من ذلك لتحرير بلاده.