عبد الرحمن شنجول

عبد الرحمن المهدي
وُلِدَ983
قرطبة
توفيمارس 4, 1009(1009-03-04) (aged 25–26)
أسماء أخرىSanchol
المهنةحاجب خليفة قرطبة

أبو المطرف عبد الرحمن بن المنصور الملقب بشنجول[1] (ت. أول رجب 399 هـ) ثالث وآخر حكام الدولة العامرية. تولى الحكم بعد موت أخيه الملك المظفر عبد الملك بن المنصور مسموماً. رشّحه الخليفة وليًّا للعهد بعد شهر، لكنه خُلع إثر انقلاب في فبراير التالي. وقُتل بعد أسابيع أثناء محاولة يائسة لاستعادة السلطة. وعلى الرغم من كونه قائدًا غير محبوب وذي عيوب كبيرة، فإن خلعه أدى إلى تفكك الخلافة.


مولده ونشأته

أمه عبدة (كان اسمها اورّاكا Urraca) هي ابنة سانشو الثاني من بنبلونة.

شبابه

وُلد شنجول في قرطبة، وهو ابن الـحاجب المنصور بن أبي عامر وأمه جارية نصرانية اعتنقت الإسلام، وهي ابنة سانچو الثاني ملك نافارا، ويُرجّح أن اسمها الأصلي كان أوراكا أو سانچا. لُقّب بـ"شنجول" (عربية: شنجول, romanized: šanjūl)، وهو تصغير "سانچو"، تيمنًا بجده النصراني. كان والده قد رفع من شأن منصب الـحاجب، الذي كان في الأصل منصبًا استشاريًا، ليصبح القائد الفعلي لخلافة قرطبة، حيث أنشأ بلاطًا خاصًا به، وتولى قيادة الجيوش، وعزل الخليفة هشام المؤيد بالله عن العامة في شبه إقامة جبرية.

نشأ شنجول في مقر والده بمدينة الزاهرة بضواحي قرطبة. وفي سبتمبر من عام 992، وكان عمره نحو تسع سنوات، خرج لاستقبال جده سانچو الثاني ملك نافارا ومرافقته عبر الطريق المصطف بالجند إلى بلاط الزاهرة للقاء والده.

اتخذ والده إجراءات عملية لتنشئة شنجول وأخيه الأكبر كفرسان محاربين. وفي نحو عام 995، شنّت قوات مملكة نافارا هجومًا على قلعة أيوب وقتلت شقيق الوالي. فأمر المنصور، انتقامًا، بقطع رؤوس خمسين أسيرًا من نافارا كانوا قد أُسروا سابقًا في أونكاستييو. ووفقًا للمؤرخ ابن درّاج، كلّف المنصور ابنه شنجول شخصيًا بقطع رأس أحد الأسرى، الذي كان خاله.

وفي عام 997، وكان في الرابعة عشرة من عمره، شارك شنجول في حملة والده على سانتياغو دي كومبوستيلا، فنظم ابن درّاج قصيدة امتدح فيها أعمال شنجول، وأخرى مشتركة تمجّد أفعاله مع شقيقه. وفي معركة شنت إشتيبن عام 1000، حين اشتدت وطأة المعركة، أرسله والده إلى الصفوف الأمامية للقتال، بحسب ما يرويه المؤرخ ابن حيان، الذي كان والده حاضرًا هناك.

الخلافة كـحاجب

في عام 1002، تُوفي المنصور أثناء نقله إلى مدينة سالي. وعلى فراش الموت، أوصى ابنه المفضل عبد الملك المظفر بأن يترك عبد الرحمن مسؤولًا عن الجيش المحلي، وأن يسارع هو إلى قرطبة لإبلاغ الخليفة هشام المؤيد بالله بوفاة والده، والحصول على مقاليد الحكم كخليفة سياسي لوالده قبل أن تنشب مقاومة محتملة. وقد استجاب الخليفة لذلك، رغم الاحتجاجات الشعبية التي طالبت بأن يتولى هشام الحكم مباشرة. واضطر الـحاجب الجديد لقمع هذه الاحتجاجات بالقوة.

قضى المظفر فترة حكمه القصيرة في خوض حملات متتابعة لإخضاع الممالك المسيحية في الشمال. وخلال إحدى هذه الحملات، استسلمت قلعة سان مارتين في عام 1007. وفي عام 1008، أُصيب المظفر بمرض أجبره على إيقاف حملة ضد قشتالة، كما واجه تمرّدين من خصمين له. وتوفي إما في 8 أكتوبر أو نحو 22 أكتوبر من العام نفسه.

عقب وفاة المظفر، سعى شنجول أولًا إلى كسب ولاء حاشية أخيه، بانتظار موافقة الخليفة على توليه منصب الـحاجب، وهو ما حصل عليه لاحقًا. وكما حدث بعد وفاة المنصور، قابل سكان قرطبة استمرار هيمنة العامريين على الخليفة المعزول بغضب، وبدأ الكثيرون يعتقدون أن عبد الرحمن قد سمّم أخاه.

كانت فترة حكم عبد الرحمن شديدة الكراهية بين الناس، إذ وصفت مصادر عديدة انغماسه في المجون وشرب الخمر والتصرفات الطائشة. وقد مثّل حالة الغضب الشعبي المتراكم في قرطبة تجاه احتجاز عائلته للخليفة. وزاد من حدة هذا الغضب إقدامه على المطالبة الجريئة والمتهورة بأن يُعلَن وريثًا رسميًا للخلافة. فاستعان بقاضي قرطبة وكاتب الدولة لإقناع هشام الثاني بإصدار مرسوم بذلك. وعلى الرغم من تردده في البداية، فقد رضخ هشام وأصدر إعلانًا رسميًا في نوفمبر 1008 يُعين فيه عبد الرحمن وليًا للعهد.

وقد أدى مزيج من فساده الديني وعدم كفاءته، مع احتمال خروج الخلافة من أيدي الأسرة الأموية ذات الأصول العربية الشمالية، وانتقالها إلى ممثل للمعافريين العرب الجنوبيين اليمنيين، وهو أيضًا حفيد ملك پمپلونة المكروه، إلى إثارة معارضة واسعة من الطبقة الوسطى والجمهور العام في قرطبة لمكانته كولي للعهد. ومع ذلك، ظل يحتفظ بدعم الجيش المؤلف بمعظمه من المرتزقة البربر والموالي السلاڤ ذوي الأجور العالية.

سوء المنقلب

اتبع عبد الرحمن شنجول، آخر بني عامر، سلوكاً أخرقاً قوامه الاستهتار بالرعية والانصراف إلى الملذات ومعاشرة سوقة الناس والرعاع، وإذلال الأشراف، وانتهاك الحرمات وتشجيع الدعارة والزنا[1] (ثم تجاوز ذلك كله إلى أن حمل بعض أصحابه على بعض بحضرته، وفي مجلس شرابه وخلوته)[2]. وأحاط نفسه بحاشية من أصحاب السوء السوء حتى أنه اصطحب معه في غزوته إلى جليقية رجلاً (من سفال أهل قرطبة يقال له ابن الرسان جعله صاحب شرطته وأدناه منه)[2].

وقد رفض هذا السلوك أمراء بني أمية ورجالات قرطبة وكافة أهاليها. لذلك فقد قرر الباقون من بني أمية انتهاز فرصة ابتعاد شنجول عن قرطبة لخروجه في غزوة إلى جليقية للثورة عليه. وكان في مقدمة الأمويين الثوار محمد بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر. وقد ساعدتهم الذلفاء، أم عبد الله والذي اتهمته (أي اتهمت شنجول) بقتل ولدها (الذي هو شقيقه) بالسم، فحقدت عليه وسعت إلى اغتياله[2] وسخرت للمهمة رجلاً من الصقالبة كان موالياً للأمويين، فاتصل بالأمويين ودعاهم لاسترجاع دولتهم بسماعدة الذلفاء التي تشترط القضاء على شنجول والثأر لولدها عبد الملك. وفعلاً أرشدوا الصقلبي إلى محمد بن هشام بن عبد الجبار الذي كان عبد الملك المظفر قد قتل أباه. وقالوا للصقلبي أن هذا الرجل (حران ثائر جسور مخاطر، وقد بلغنا أنه تطلّب هذا الأمر منذ قتلتم أباه، وتآلف من شرار الناس كثيراً، وشيعتنا تلقاه وتؤمله، فليس لكم غيره)[2]. واتصل به الرجل ونقل إليه رسالة الذلفاء فوافق على الأمر. وكان الأمويون في هذه الفترة (كلمتهم يومئذ في بغضاء العامريين متفقة، ونفوسهم من مخافتهم مختلسة، فلاذوا بمحمد بن هشام وبايعوه سراً).


المصادر

  1. ^ أ ب وديع أبو زيدون. تاريخ الأندلس. عمـّان: الأهلية للنشر والتوزيع. pp. 290–297.
  2. ^ أ ب ت ث ابن عذارى المراكشي. "ج 3". البيان المغرب في تاريخ الأندلس والمغرب. pp. 42–52.