مرسى الأمراء

شاطئ مرسى الأمراء

مرسى الأمراء قرية تونسية تقع في ولاية نابل، على الساحل الشمالي للوطن القبلي.

تُعرف ولاية نابل أو شبه جزيرة الرأس الطيب كواحدة من أهمّ المناطق السّاحليّة الموجودة في قارّة افريقيا، وتُعدّ قبلة السياحة في البلاد بامتياز، ومقصداً للراحة والاستجمام، لطبيعتها السّاحرة، إذ تُعانق مياه البحر الأشجار، لترسم لوحة طبيعيّة خلاّبة، تحيط بها البساتين والحقول الزراعية، وتمتدّ على ضفافها شواطئ جميلة برمالها الذهبية، وبحرها الهادئ قبلة المصطافين والسوّاح.

ولا يمكن لزائر ولاية القوارص والزهر أن لا ينعم بجمال شواطئها العابقة بالتراث الممتد في غياهب التاريخ والحضارات التي طبعت معالمها في شتى مناطق الولاية المطلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، والتي تبعد عن تونس العاصمة مسافة تُقدّر بحوالي 60 كم إلى الجهة الشماليّة الشرقيّة منها.

الاقتصاد

تزدهر ولاية نابل بالعديد من الصناعات، وخاصّة التقليديّة منها والحرف اليدويّة، إذ إنّها تضمّ أيادٍ ماهرة في مختلف الأعمال اليدويّة، وخاصّة في ما يتعلّق بصناعة الخزف، والنقش على النحاس، وصناعة الحصر، إضافة لكونها مركزاً صرفاً لصناعة الفخار، ولا يغيب عن البال أبداً إتقانهم لحرفة التطريز، وخاصّة ذلك اللباس التونسيّ التقليديّ والذي ما زال مفخرةً وزيّاً متوارثاً حتّى اليوم، والمزيّن بخيوط ذهبيّة مطرّزة بألوان جميلة ورسومات مبتكرة، ولا زال زيّ الافراح والأعراس والمناسبات الهامّة في تونس.

وتشتهر باهتمام سكانها بزراعة أشجار البرتقال الغنيّة فيها والمنتشرة بشكل كبير.[1]

التاريخ

تاريخ تونس هو ليس فقط تاريخ دولة تقع في شمال أفريقيا، بل جزء من تاريخ العديد من الحضارات التي تعاقبت عليها عبر التاريخ، لاحتوائها على عدد كبير من المواقع والمعالم الاثرية والتاريخية، من ابرزها مدن قديمة كان لها شأن كبير في العهود القديمة، منها نابل التي كانت قديماً إحدى المُستعمرات الرومانيّة، ومنها جاء اسمها باللفظة اليونانيّة Neapolis والذي يعني الولاية الجديدة.


قصر مرسى الأمراء

قصر مرسى الأمراء.
قصر مرسى الأمراء.
قصر مرسى الأمراء.

بلا شكّ إنّ محبّي الآثار يزورون متحف نابل الأثريّ، والذي يقوم بعرض المقتنيات الأثريّة والتي تعود للحضارة الرومانيّة قديماً، إضافة لزيارة قصر نابل.

ومن الآثار الرومانية المتبقية، قصر مرسى الأمراء بتاكلسة، أحد القلاع التي تضفي على المنظر الطبيعي الخلاب جمالا أخاذا، لا يمكن أن تفوته عين الرائي.

هذه الآثار الحجرية لا يقتصر وجودها على أعلى الربوة الرملية، التي يحيط بها غطاء نباتي تفوح منها رائحة الزعتر والاكليل من جهة والهضاب الفسيحة من جهة أخرى، والتي تزيد المنظر جمالا وبهاء عند ملامستها لرمال ومياه البحر الصافية، بل يمتد أيضا إلى عباب البحر، لتظل صامدة رغم السنين التي مرت عليها.

ولعل وجود هذه الآثار القديمة المتبقية، هو الذي ساهم في إطلاق التسمية الغريبة على الشاطئ، بــ (شاطئ مرسى الأمراء) لأن هؤلاء الأمراء هم غير معلومين، ولم تشر إليهم المراجع المتوفرة، ولكن آثار القصر ماتزال بادية، وتشير إلى ممرات السفن والمراكب القادمة من عباب البحار البعيدة من شرقها وغربها.

ولا تعتبر للآثار الحجرية الرومانية، لوحدها خاصية مميزة للمكان الساحلي، بل من مميزات شاطئ (مرسى الأمراء) أيضا نقاء مياهه وصفاؤها، حتى أنه لشدة صفائها، يكاد المصطاف أن يلمح انعكاس وجهه.

ويتميز شاطئ (مرسى الأمراء) باحتوائه على بقايا من الصخور والقصور من الآثار الرومانية، التي تمتد لآلاف السنين، وقد أصبحت محل دراسة من طرف عدّة خبراء وباحثين في التاريخ والآثار، أيضا تمثل قبلة فرق الكشافة التي تقوم بنصب الخيام والمخيمات بين الأشجار الكثيفة، حيث يمضون أياما وليالي، في الرقص والغناء دون كلل ولا ملل.

كما لا يفوت عشاق صيد السمك، متعة صيد الأسماك، على غرار سمك البوري والمنكوسة والورقة والتريلية والمرجان، الذي تتميز به هذه الجهة من البلاد، حيث يمضون الساعات الطوال دون تعب بين متعة هدوء البحر ونقاء هوائه.

من مأثر ولاية نابل، مدينة تاكلسة التي تعد من أكبر البلديات مساحة لا في ولاية نابل فقط بل في كامل تراب الجمهورية التونسية، هذه المنطقة التي يغلب عليها الطابع الجبلي الغابي، فالغطاء النباتي من جهة والهضاب الفسيحة من جهة أخرى تزيد المنظر جمالا وبهاء عند ملامستها لرمال ومياه البحر الصافية، منطقة توحي بجماليتها بصورة تغني عن كل تعليق، كانت تقام فيها الأنشطة الثقافية والمهرجان السنوي الذي كان ينتظم بقصر الأمراء.

تاكلسة المدينة الأمازيغية الجميلة، الواقعة على الساحل الشمالي للوطن القبلي، والتي جمعت في طيات حسنها بين الأراضي الخصبة المعدة للفلاحة والسهول الممتدة على مشارفها وبين روعة الجبل المطل على البحر، فهي من المناطق الفلاحية بامتياز وعلى غرار ذلك تحتوي معصرتين لرحيي زيت الزيتون المعد للتصدير حيث تشهد المنطقة نقلة نوعية في نوع الِغراسات بالإضافة إلى مراعي خصبة لتربية الماشية، ناهيك عن الفلاحة الموسمية. ترتبط بالأساس بالطريق المباشر مع الهوارية وقليبية وكركوان، وتبعد عن قربص بأقل من ثماني كيلومترات، تضم كلا من عمادة بدار وبير مروة والرمل وسد حمام وسيدي عيسى.

يوجد فيها قصر مرسى الأمراء، بجذوره الضاربة في عمق التاريخ، حيث يعود تأسيسه للعهد الروماني، يطل على حافة بحر مرسى الأمراء وقريب جدا من المنطقة السياحية الشهيرة قربص وايضا الهوارية، على الشريط الساحلي.

موقعه متميز وشكله الهندسي رائع، بناية شامخة شاهدة على حقب تاريخية شهدتها وعاشتها تونس التي كانت مسرحا لفترات متعاقبة من الحضارات المختلفة، يحتوي على طابقين، ولازالت فيه الى الان بعض الادوات الأثرية القديمة كالكراسي والمعدات المنزلية (الأثاث). الشكل العام للقصر وكما هو ظاهر بالصور، بنايته ليست مستديرة مثل أغلب القصور القديمة، فقط يتخذ منحنى دائريا من ناحية الدرج المؤدية للطابق العلوي وسطح القصر، حدثت له بعض التعديلات في العهود الأخيرة وألحقت به بعض الإضافات من الذين أتخذوه مقرا لهم. هذا القصر الذي يحلو للجميع تسميته بــ «قصر وسيلة» نسبة للسيدة وسيلة بن عمار الزوجة الثانية للرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، والتي كانت تعرف بــ «بالماجدة » وسيلة، وهي الزوّجة الثانية للرئيس بورقيبة بعد أن تم الطلاق بينه وبين زوجته الاولى مفيدة بورقيبة، ليتزوج في 12 أبريل من العام 1962م من السيد وسيلة بن عمار، في احتفال كبير أقيم بقصر مرسى الأمراء، وقد اتخذت الماجدة وسيلة (الثائرة التونسية وأبنة مدينة باجة التي قادت عددا من عمليات النضال الوطني ضد الاستعمار) من هذا القصر مقرا لعزلتها وراحتها.

أثار القصر وممرات تلك السفن والمراكب القادمة من أعماق البحر، وتلك الغرف المطلة على الساحل، مناظر استهوت الجميع، وهي دليل عل رونقه لما يتميز به من جمال وسط الطبيعة، وهو الشيء الذي جعل من السيدة الماجدة وسيلة بورقيبة تفكر فيه ليكون قصرا فخما يليق بمقامها، إلا أن ذلك لم يعمر طويلا.

يختزل قصر الأمراء بتاكلسة تاريخ هذه المنطقة العريقة الواقعة غرب ولاية نابل، فتاكلسة مثال للسياحة الثقافية بهذا القصر المطل على البحر الأبيض المتوسط في موقع رائع يمتزج فيه جمال الطبيعة بعبق التاريخ، ورغم الأهمية التاريخية لهذا المعلم الأثري فإنه بقي معزولا عن الدورة الاقتصادية بالجهة وخصوصا السياحية، وتبقى تاكلسة إحدى درر الوطن القبلي، تحتوي على مقدرات هامة تنتظر التثمين لإدماجها في خارطة المسالك السياحية والتي تتمثل في المعالم الأثرية وكذلك المناطق الطبيعية الخلابة.

معرض الصور

انظر أيضا

°36 52' 42" شمالا 10° 40' 17" شرقا

TunisiaStub.svg هذه بذرة مقالة عن جغرافيا تونس تحتاج للنمو والتحسين، فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها.
      {{{{{3}}}}}
TunisiaStub.svg هذه بذرة مقالة عن جغرافيا تونس تحتاج للنمو والتحسين، فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها.
{{{{{3}}}}} {{{{{4}}}}}
  1. ^ "قصر مرسى الأمراء بتاكلسة إرث تاريخي بعبق روح الحضارات". Port De Prince Takelsa. 2024-11-06. Retrieved 2025-07-03.
الكلمات الدالة: