مصر في أفريقيا الشرقية هرر وزيلع وبربرة (كتاب)
![]() | |
المؤلف | محمد صبري |
---|---|
البلد | ![]() |
اللغة | العربية |
الناشر | مطبعة مصر |
الإصدار | 1939 |
مصر في أفريقيا الشرقية (هرر وزيلع وبربرة)، هو كتاب من تأليف محمد صبري نشرته مطبعة مصر عام 1939.
عن الكتاب
الكتاب صادر عام 1939 ويبدأه الكاتب بإهداء إلى الأمير عمر طوسون اعترافاً بأياديه البيضاء على النهضة التاريخية. وينهيه بأنه لم يجد مطبوعة مصرية أو عربية تتحدث عن موضوع كتابه، وأن مصادره هي وثائق خطية من محفوظات سراي عابدين ووزارة الخارجية الإنگليزية، فضلاً عن المطبوعات الأجنبية.
وموضوع الكتاب هو امتداد سلطان المملكة المصرية في عهد الخديوي إسماعيل ليشمل كامل الساحل الغربي للبحر الأحمر حتى باب المندب وتجاوزه جنوباً إلى مينائي زيلع وبربرة على المحيط الهندي-خليج عدن- مخترقاً السودان وإريتريا وإثيوپيا والصومال، وممتداً في عمق الصومال حتى مدينة كيسمايو وفي عمق إثيوپيا حتى مدينة هرر.
في هذه الفترة من حكم الخديوي إسماعيل كانت مصر تنافس إنجلترا وفرنسا وإيطاليا على مد نفوذها إلى عمقها الاستراتيجي سواء في منابع النيل أو في عمقها الأفريقي في ساحل البحر الأحمر.
وعلى ما يبدو لي أن الخديوي إسماعيل كان يخطط لجعل مصر مركزاً للتجارة ولخطوط مواصلات العالم من خلال إنشائه لقناة السويس، بالتوازي مع مد سلطانه بطول ساحل البحر الأحمر متجاوزا باب المندب إلى ساحل المحيط الهندي في الجهة الأفريقية.
ويبدو جلياً كذلك أن خطته لتمدين مصر قد نجحت لدرجة أنه امتلك الثقة في نقل فائض التمدين في مصر إلى دول الجوار في العمق الاستراتيجي الأفريقي.
وفي سبيل ذلك أرسل الأسطول المصري عام 1867 بقيادة جمالي بك وعين عبد القادر حلمي حاكماً على سواحل أفريقيا الشرقية. حاول جمالي بك في بداية حملته نشر السلام في ربوع الصومال بالتأليف بين قبيلتي بلهار وبربرة، فكتب إليه الحاكم الإنجليزي لـ"عدن" -على الضفة الأخرى من باب المندب- معترضاً. فرد عليه خطياً وزير خارجية مصر "شريف باشا": (إن هذه البلاد تتمتع بالتبعية التركية وأنها ضمن تنازل الباب العالي عن مديريات "مصوع وسواكن -داخل حدود إريتريا حالياً-وملحقاته" وأن حقوق مصر في هذه البلاد ثابتة لا شك فيها).
وقد نجحت خطة الخديوي في بسط سلطان المملكة المصرية على هذه البلاد بنفس القدر الذي ساهم فيه في تمدين هذه البلاد وإليك مقتطفات من الوثائق المذكورة في الكتاب عن الرسائل المتبادلة بين القناصل ودولهم مثل:
كتاب الضابط "وود" إلى السير "إليوت" سفير إنجلترا بالأستانة عام 1875 😞 إن تنازل الباب العالي عن "زيلع" إلى مصر واستيلاء مصر على"بربرة" يجعلان ساحل البحر الأحمر كله في قبضة مصر، ولا ريب أن تلك المناطق التي كانت مستوحشة لا يأنس بها أحد، نجح المصريون بوصلها بالعالم المتمدين.)
وقد اتخذت الإدارة المصرية "بربرة" مركز تمركز تنطلق منه، فعملت على استتباب الأمن في "بربرة" فأرسلت مركباً حربياً من أسطولها للإقامة الدائمة أمام ميناء "بربرة" لحفظ الأمن بها.
ومن الجدير بالذكر أن هذا المركب الحربي كان يقيم به فرقة من المهندسين المصريين قاموا برسم خرائط وافية للمنطقة وقاموا خلال خمس سنوات بتصميم وإنشاء مدينة كاملة في "بربرة" تم الانتهاء منها عام 1877 احتوت على منارة تهدي السفن ومراسي وأرصفة بحرية ومخازن لتخزين الفحم اللازم لتموين السفن.
وكانت مباني المدينة بالحجر في صفوف منتظمة وشوارع واسعة تُضاء بمصابيح الغاز، وتم توصيل المياه العذبة للمدينة في مواسير من منبعها في "جبل الدوبار" مع إنشاء عدد من الصهاريج. هذا بخلاف المباني العامة من مسجد جامع ومستشفى وصيدلية ومكتب بريد وبيت للحاكم على الطراز الأندلسي .....وصارت العملة المصرية هي عملة تلك البلاد. وتحولت "بربرة" التي كانت قبل قدوم الحملة المصرية عبارة عن مجموعة من العشش يقطنها صيادو السمك إلى ميناء يفوق ميناء عدن -تحت حكم الإنجليز-، وقد اعترف بذلك "هنتر" قنصل إنجلترا في الصومال في رسالة عام 1884: (أنجز المصريون في بربرة من العمران ما يصح أن تفاخر به أية إدارة).
وامتدت سلطة المملكة المصرية إلى "كيسمايو" في عمق الصومال، وإلى "هرر" في العمق الأثيوبي.
كانت مدينة هرر في هذا الوقت يقطنها ثلاثون ألفاً غالبيتهم العظمى من المسلمين، دخلها محمد رؤوف باشا عام 1875، وعمل على إعادة الأمن وتعبيد وتأمين الطريق الذي يصل "هرر" ب"زيلع" لتسهيل طرق التجارة وأنشأ عليه محطات عسكرية مزودة بالماء. وعني رؤوف باشا بتشجيع الصناعة المحلية فكان هو وكبار الموظفين المصريين يلبسون ملابس من صنع أهل "هرر" ليقتدي بهم السكان. وساهم مع "مختار بك" في إنشاء مدينة "جلديسا" عند تقاطع طرق هرر وشوا وزيلع. وقد زار الرحالة الإيطالي مدينة "هرر" عام 1881 فكان من مشاهداته: ( المصريون في هذه البلاد تبدو عليهم سيماء الفاتحين الرافعين لواء الحضارة، إذ يعلمون الأطفال القراءة والكتابة، ويعلمون الفتيان الصلاة وأحكام الشريعة...). والكتاب ذاخر بشهادات الرحالة والموظفين الرسميين للإدارات الاستعمارية.