معركة دولاب
معركة دولاب | |||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|
جزء من الفتنة الثانية | |||||||
| |||||||
المتحاربون | |||||||
الزبيريون | الخوارج | ||||||
القادة والزعماء | |||||||
مسلم بن عبيس ☠ الحجاج بن باب الحميري ☠ ربيعة الأجذم التميمي ☠ حارثة بن بدر الغداني ☠ |
نافع بن الأزرق ☠ عبيدة بن هلال اليشكري الزبير بن الماحوز عبد اللّه بن الماحوز ☠ عبيد الله بن الماحوز |
معركة دولاب، هي معركة خاضها الخوارج، بقيادة نافع بن الأزرق، ضد أهل البصرة تحت قيادة مسلم بن عبيس الأموي.[1]، وكانت البصرة تحت حكم عبد الله بن الزبير.[2]
خلفية
بعد الفراغِ السّياسيِّ الذي مُنيت به دولة بني سفيان بعدَ هلاك يزيد بن معاوية، ورفض ابنه معاوية الثّاني السُّلطة، حصلتْ اضطراباتٌ في معظم الولايات الإسلاميّة، فظهرتْ على أثرها ثوراتٌ، وقامتْ حروبٌ، منها ثورة عبد الله بن الزّبير وسيطرته على مكّة المكرّمة، فدانتْ لهُ الحجاز والبصرة والكوفة، ثمّ ظهور ثورة التّوَّابين، وثورة المختار الثّقفيّ، في الكوفة. وتسارعتْ الأحداث، فاستغلّتْ مجموعةٌ من الخوارج كانتْ تتمركز في الأهواز تلك الظّروف، وصارُوا يغزونَ القرية تلو الأخرى، بقيادة زعيمهم نافع بن الأزرق[3]، فروَّعوا النِّساء، وقتلُوا الرِّجال، إلّا مَنْ آمَنَ بدعوتهم[4]، وتبرَّأ مِنْ معتقده، وقال إنّه كان على ضلال، فسيطرُوا بذلك على الأهواز، وطردُوا ولاتَها. وبعد أنْ قويتْ شوكتُهُم، خطَّطوا لدخول البصرة، التي كانتْ منشغلةً بخلافها الذي كان بين الأزد وتميم؛ بسبب مسعود بن عمرو والي البصرة[5]
وبعد أنْ عَلِم أهلُها أنَّ الخوارجَ متوجِّهونَ إليهم، والدّولة منشغلة عن أمرهم، اجتمعُوا إلى الأحنف بن قيس يستشيرونه، ويشكون ذلك إليه، وقالُوا: ليس بيننا وبين العدوّ إلّا ليلتان، فقال الأحنف: إنّ فِعْلَهم في مصركم إنْ ظفرُوا به كفعلهم في سوادكم، فجدّو في جهاد عدوِّكم، فنسُوا عند ذلك خلافاتهم، وتوحَّدوا ضدّ عدوِّهم، فاجتمع إليه عشرة آلاف مقاتل، وقدْ أمَّرُوا عليهم مسلم بن عبيس بن كريز. فلمّا نفذ من جسر البصرة أقبل على النّاس، فقال: إنّي ما خرجتُ لأمتار ذهباً ولا فضّةً، وإنّي لأُحاربُ قوماً إنْ ظفرتُ بهم فما وراءهم إلّا سيوفهم ورماحهم، فمَن كان شأنه الجهاد فلينهضْ، ومَنْ أحبَّ الحياة فليرجعْ، فرجعَ نَفَرٌ يسيرٌ، ومضى الباقونَ معه. فلمّا التقَوا مع جيش الخوارج أخذُوا يحوزونَهُم عن البصرة، ويدفعونَهُم عنْ أرضها، حتّى إذا بلغا مكاناً مِنْ أرضِ الأهواز يُقال له: (دولاب)، تهيَّأ النّاس بعضهم لبعض وتزاحفُوا. فكان على جيش الخوارج زعيمهم نافع بن الأزرق.
واقتتلَ الجيشانِ قتالاً شديداً، حتّى تكسَّرتْ الرِّماح، وعُقرتْ الخيل، وتضاربُوا بالسُّيوف والعُمُد، وكثُر فيهم القتل والجراح، فقُتِلَ في المعركة قائد جيش البصرة مسلم بن عبيس، وزعيم الخوارج نافع بن الأزرق، وكان ابن عبيس تقدَّم لأصحابه، قائلاً: إنْ أُصبتُ فأميركم الربيع بن عمرو الغدّاني، وهو من بني يربوع، فلمّا أُصيب ابن عبيس أخذ الرّبيع الرّاية، وكان نافع بن الأزرق قدْ استخلف عبيد الله بن بشير بن الماحوز[6] من بني يربوع أيضاً، فاقتتلوا قتالاً شديداً، حتّى استمرّ القتال نيِّفاً وعشرينَ يوماً، قُتل فيها عددٌ كبيرٌ من الطّرفين، وتفشَّتْ الجراحُ بينهم، وأصابهم التَّعب، حتَّى كان الرَّجلُ منهم يضربُ الرَّجلَ فلا يُغني شيئاً من الإعياء، وقُتل الرّبيع قائد جيش البصرة، ثمّ أجمعوا على الحجّاج الحميريّ، الذي رفضَ أنْ يستلمَ الرّاية إلّا بعد إلحاحٍ، وعادَ القتالُ منْ جديدٍ، حتّى انتقضتْ الصُّفوف، وصارُوا كراديس، ثمَّ تبارز الحجّاج مع أحد فرسان الخوارج، وهو عمران بن الحارث، الرّاسبيُّ، فاختلفا بضربتين، كلُّ واحدٍ منهما قتل الآخر، وتولّى أمرَ جيشِ البصرةِ حارثة بن بدر، الغدّانيّ، وقدْ حاولَ أنْ يشدَّ مِن أزْرِ ما تبقّى مِنْ أصحابِهِ، لكن، بينما هم كذلك؛ إذْ جاءتْ سريّةٌ إلى الخوارج من اليمامة، وكانتْ بأوج قوَّتها؛ إذْ لمْ تكنْ شهدتْ القتالَ، فكانتْ لهم الغلبة، لكنْ لمْ يظفرُوا بدخول البصرة؛ بسبب هذه المواجهة التي لمْ يكونوا يتوقّعونها، وخسرُوا أبرز قادتهم في هذه المعركة، وهو رأس الخوارج نافع بن الأزرق.
المعركة
أشتدت شوكة نافع بن الأزرق زعيم الخوارج بعد انشغال أهل البصرة بالاختلاف الّذي كان بين قبائل الأزد وربيعة وتميم بسبب مقتل مسعود بن عمرو الأزدي. وكثرت جموع نافع بن الأزرق، فتوجه نحو الْبصرة حَتَّى دنا من الجسر، فبعث إِلَيْهِ والي البصرة عبد الله بن الحارِث القائد مسلم بن عبيس في أهل الْبصرة، فخرج له، فأخذ يرده عن الْبَصرة، ويدفعه عنها، حَتَّى بلغ مكانا من أرض الأهواز يقال لَهُ: دولاب، فتهيأ الناس للقتال، فجعل مسلم بن عبيس عَلَى ميمنته الحجاج بن باب الحميري، وعلى ميسرته حارثة بن بدر الغداني، وجعل نافع بن الأزرق على ميمنته عبيدة بن هلال اليشكري، وعلى ميسرته الزبير بن الماحوز التميمي، ثُمَّ التقوا فاضطربوا، فاقتتل الناس قتالا لم ير قتال قط أشد مِنه، فقتل في المعركة مسلم بن عبيس أَمير أهل البصرة، وقتل نافع بن الأزرق زعيم الخوارج، وولى أهل الْبَصرَة عَلَيهم الحجاج بن باب الحميري، وأمرت الأزارقة عَلَيهِم عبد الله بن الماحوز، ثم عادوا فاقتتلوا أشد قتال، فقتل الحجاج بن باب الحميري أَمير أهل الْبصرة، وقتل عَبد اللَّهِ بن الماحوز أَمير الأزارقة ثم إن أهل الْبَصرة جعلوا عَلَيهم ربيعة الأجذم التميمي، وجعل الخوارج عَلَيهِم عبيد اللَّه بن الماحوز، ثم اقتتلوا حتى الليل، ثم كره بعضهم بعضا، وملوا القتال، ثم تحاجزوا حَتَّى جاءت الخوارج سرية لهم لم تشهد القتال وكانت في نشاط وراحه، فحملت هذه السرية على الناس من قبل قبيلة بني عبد القيس، فانهزم الناس، وقاتل امير البصرة ربيعه الاجذم التميمي، فقتل، وأخذ راية أهل الْبصرة بعده حارثة بن بدر الغداني، فقاتل ساعة وقَدْ ذهب الناس عنه، فقاتل من وراء الناس يحميهم، ومعه أهل الصبر منهم، ثم أقبل بالناس حتى نزل بهم منزلا بالأهواز.[2][7] وفي ذلك يقول شاعر من الخوارج:
وبلغ ذَلِكَ أهل الْبَصرَة، فهالهم وأفزعهم، وبعث الخليفة عبد الله بن الزبير وهو في مكة الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة والياً على البصرة، وعزل عبد الله بن الحارِث، فأقبلت الخوارج نحو البَصرَة، وقدم المهلب بن أبي صفرة إلى البصرة على تلكَ الحال، وكان قادماً من قبل عبد اللَّهِ بن الزّبَيرِ، ومَعَه عهده عَلَى ولاية خراسان، فَقَالَ الأحنف بن قيس - وكان أحد أشراف البصرة - للحارث بن أَبي ربِيعةَ وللناس عامة: ليس لهذا الأمر والخوارج الا المهلب بن ابى صفرة، فخرج أشراف الناس، فكلموا المهلب على أن يتولى قتال الخوارج، فقالَ المهلب: لاأفعل، هَذَا عهد أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عبد الله بن الزبير، ومعي عهده على ولاية خرَاسَان، فلم أكن لأدع عهده وأمره. فدعاه ابن أَبِي رَبِيعَةَ فكلمه فِي ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِكَ، فاتفق رأي ابن أَبِي رَبِيعَةَ وأهل الْبَصرَة عَلَى أن كتبوا عَلَى لسان ابن الزُّبَير: بسم اللَّه الرحمن الرحيم من عبد اللَّه بن الزُّبَيْرِ إِلَى المهلب بن أبي صفرة، سلام عَلَيْك، فإني أحمد إليك اللَّه الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْحَارِث بن عَبْدِ اللَّهِ كتب إلي أن الأزارقة المارقة أصابوا جندا لِلْمسلِمِينَ كَانَ عددهم كثيرا، وأشرافهم كثيرا، وذكر أَنَّهم قَدْ أقبلوا نحو الْبَصرَة، وَقَدْ كنت وجهتك إِلَى خرَاسَان، وكتبت لك عَلَيْهَا عهداً، وقد رأيت حيث ذكر هَذِهِ الخوارج أن تكون أنت تلي قتالهم، فقد رجوت أن يكون ميمونا طائرك، مباركا عَلَى أهل مصرك، والأجر فِي ذَلِكَ أفضل من المسير إِلَى خُرَاسَان، فسر إِلَيْهِم راشدا، فقاتل عدو اللَّه وعدوك، ودافع عن حقك وحقوق أهل مصرك، فإنه لن يفوتك من سلطاننا خُرَاسَان وَلا غير خُرَاسَان إِنْ شَاءَ اللَّهُ، والسلام عَلَيْك ورحمة اللَّه فأتي بِذَلِكَ الكتاب، فلما قرأه قَالَ: فإني وَاللَّهِ لا أسير إِلَيْهِم إلا أن تجعلوا لي مَا غلبت عَلَيْهِ، وتعطوني من بيت المال مَا أقوي بِهِ من معي، وأنتخب من فرسان الناس ووجوههم وذوي الشرف من أحببت، فَقَالَ جميع أهل الْبَصْرَة: ذَلِكَ لك، قَالَ: فاكتبوا لي عَلَى الأخماس بِذَلِكَ كتابا ففعلوا، إلا مَا كَانَ من مالك بن مسمع وطائفة من بكر بن وائل، فاضطغنها عَلَيْهِم المهلب، وَقَالَ الأحنف وعبيد اللَّه بن زياد بن ظبيان وأشراف أهل الْبَصْرَة للمهلب: وما عليك الا يكتب لك مالك بن مسمع وَلا من تابعه من أَصْحَابه، إذا أعطاك الَّذِي أردت من ذَلِكَ جميع أهل الْبَصْرَة! ويستطيع مالك خلاف جماعه الناس اوله ذَلِكَ! انكمش أيها الرجل، واعزم عَلَى أمرك، وسر إِلَى عدوك، ففعل ذَلِكَ المهلب، وأمر عَلَى الأخماس، فأمر عُبَيْد اللَّهِ بن زياد بن ظبيان عَلَى خمس بكر بن وائل، وامر الحريش ابن هلال السعدي عَلَى خمس بني تميم.[8][9]
الهوامش
- ^ "موسوعة التراجم والأعلام - مسلم بن عبيس". www.taraajem.com. Archived from the original on 2023-10-05.
{{cite web}}
: Unknown parameter|access_date=
ignored (help); Unknown parameter|حالة المسار=
ignored (help) - ^ أ ب "تاريخ الطبري".
{{cite web}}
: Cite has empty unknown parameters:|مسار أرشيف=
,|تاريخ أرشيف=
,|تاريخ الوصول=
, and|ناشر=
(help) - ^ نافع بن الأزرق بن قيس الحنفي البكري الوائلي. مؤسس فرقة الأزارقة إحدى فرق الخوارج التي تسمت باسمه. صحب عبد الله بن عباس أول أمره، ثم ثار على عثمان بن عفان، وأيد علياً بن أبي طالب (عليه السلام)، إلى أن جاءت واقعة صفين وحادثة التحكيم بين علي(عليه السلام)، ومعاوية بن أبي سفيان، فمارسوا الضغط على أمير المؤمنين للموافقة على التحكيم، فوافق أمير المؤمنين من أجل درء الفتنة التي كادت أن تشق عصى جيشه، وبعد التحكيم اجتمعوا في حروراء (قرية من ضواحي الكوفة)، ونادوا بالخروج على علي (عليه السلام)، وكانت تلك بداية فرقة الخوارج.
- ^ هي دعوة قائمة على التكفير وسفك الدماء، ففي أصل عقيدتهم أن من عمل الكبائر من الذنوب يُعد كافراً وخالداً في نار جهنم، وأن فكرهم مناهض لفكر الدين الحنيف الذي جاء به النبي (ص) من الرحمة والرئفة والتسامح.
- ^ مسعود بن عمرو الأزدي هو من أجارَ عبيد الله بن زياد عندما وثب به أهل البصرة بعد هلاك يزيد بن معاوية، فخرج الى الشام واستخلف مسعوداً على البصرة، فقالت بنو تميم وقيس لا نرضى ولا نولي علينا إلا رجل ترضاه جماعتنا، فقال مسعود: استخلفني عبيد الله ولا أدع ذلك أبداً، وخرج في قومه حتى انتهى الى القصر فدخله، ثم صعد منبر المسجد وأخذ يبايع كل من أتاه، فجاءت عصابة من الخوارج الى المسجد فقتله أحدهم وضنت الأزد أن تميم قد قتلوا مسعوداً ونشب على أثر ذلك اقتتال كبير كانت نهايته الصلح.
- ^ ابن الماحوز هو عبيد الله بن بشير بن الماحوز السليطي اليربوعي التميمي. رئيس الخوارج الأزارقة في الأهواز، وما حولها. كان مع نافع بن الأزرق ثم خلفه بعد مقتله، اشتبك في معارك مع قادة عبد الله بن الزبير، وهم عمر بن عبيد الله بن معمر، والمهلب بن أبي صفرة، وقُتل أخيراً على يد جيش المهلب.
- ^
{{cite web}}
: Empty citation (help) - ^
{{cite web}}
: Empty citation (help) - ^
{{cite web}}
: Empty citation (help)
المراجع
- تاريخ الطبري ج4 ص477.
- شرح نهج البلاغة- ابن أبي الحديد ج4 ص140.
- الأغاني- أبي الفرج الأصفهاني ج6- ص386.