بلاد العرب الصخرية

(تم التحويل من Arabia Petraea)
Provincia Arabia Petraea
مقاطعة رومانية
106–ع. 630
Arabia Petraea.svg
العاصمةالبتراء وبصرى
التاريخ
التاريخ 
• الغزو الروماني
106
ع. 630
سبقها
تلاها
المملكة النبطية
دكاپوليس
فلسطين الثالثة
الغساسنة
الخلافة الرشيدة
اليوم جزء من مصر
 إسرائيل
 الأردن
 سوريا
 السعودية

بلاد العرب الصخرية، العربية البترائية، أو مقاطعة بلاد العرب أو اختصاراً بلاد العرب، كانت مقاطعة حدودية تابعة للامبراطورية الرومانية بدءاً من القرن الثاني؛ وكانت تتكون من المملكة النبطية السابقة في الأردن، جنوب الشام، شبه جزيرة سيناء، وشمال غرب شبه الجزيرة العربية. كانت عاصمتها البتراء. تحدها من الشمال سوريا، من الغرب يهوديا (دُمجت مع سوريا من عام 135م) وإجيپتوس ، ومن الجنوب والشرق بقية شبه الجزيرة العربية، التي تعرف بالصحراء العربية وبلاد العرب السعيدة.

ضمها الامبراطور تراجان، مثل الكثير من المقاطعات الحدودية الشرقية التابعة للامبراطورية الرومانية، لكنه على تمسك بها، على خلاف أرمنيا، بلاد الرافدين وآشور، بعد حكم تراجان - أصبح يطلق على حدودها الصحراوية Limes Arabicus. لم تسفر عن مغتصبين أو أباطرة (فليپوس، رغم أنه كان من الشهباء، مدينة سورية ضُمت لمقاطعة بلاد العرب فيما بين 193 و225- وُلد فليپوس ح. 204). كمقاطعة حدودية، كانت تتضمن الصحراء المأهولة بالساراكينوس البدو، وتحدها المناطق النائية الپارثية.


الجغرافيا

الامبراطورية الرومانية في عهد هادريان (حكم 117-38 م)، توضح، في شرق آسيا، مقاطعة بلاد العرب الصخرية الرومانية (الأردن/ش.غ. السعودية/سيناء). هناك فيلق واحد تم نشره هناك عام 125م.


المدن الرئيسية

البتراء، مدجرة حالياً كموقع تراث عالمي من قبل اليونسكو.

كانت معظم مدن المقاطعة العربية ذات كثافة سكانية منخفضة. ويمكن ملاحظة منطقة تركزها في شمال الأردن حاليا، وعلى طول نهر الأردن. لقد كانت آيلة (العقبة) الميناء الرئيسي الوحيد لهذه المقاطعة. توجد عدة إحتمالات حول إختيار الرومان مركز هذه المقاطعة، فمنها مايشير إلى إختيار البتراء نفسها كعاصمة، ومنها مايشر إلى إختيار بصرى بالقرب من الحدود السورية الأردنية حاليا. وقد كانت البتراء مركزا لأحد الفيالق الرومانية، وهو "Legio III Cyrenaica".[1]

التاريخ

كانت البتراء تشكل أهمية كبيرة للرومان نتيجة لوقوعها على طرق التجارة الدولية وتحكمها بمرور القوافل عبر طريق الملوك. قام الجنرال الروماني بومباي بغزو المملكة النبطية في حوالي عام 60 قبل الميلاد، وقام بمحاصرتها، إلا أنه سمح بقدر من الحكم الذاتي فيها بعد ذلك. وفي عام 106 م، مد الامبراطور الروماني تراجان السيطرة الرومانية لتشمل كل نباطيا. وأصبحت البتراء مركزا للمقاطعة العربية. أضيف للمدينة العديد من المسارح وأروقة الطرق الكلاسيكية ذات الطابع الروماني. كما تأثر الرومان بهندسة العمارة النبطية، حيث شيد للحاكم الروماني في البتراء سكتوس فلورنتيوس سنة 127 م، تابوت ذو طابع نبطي.[2][3] بعد تحول الإمبراطورية الرومانية إلى الديانة المسيحية، حظيت البتراء بمطرانية، وتحولت بعض أبنيتها إلى كنائس.[4] ويبدو أن المسيحية قد دخلت البتراء ومختلف المنطق النبطية قبل وخلال الفترة المبكرة من العصر البيزنطي، رغم انتشار الوثنية جنباً إلى جنب معها، حيث كانت الكنائس والمعابد الوثنية موجودة حتى القرن الخامس.[5]

قام البيزنطيون بعد سيطرتهم على الشرق، باستبدال إسم المقاطعة وتحويله إلى فلسطين الثالثة (باللاتينية: Palaestina Salutaris III) في عام 390 م. استمر هذا التقسيم الإداري حتى الفتح الإسلامي لبلاد الشام في حوالي 630 م، حيث تم تقسميها إلى جند الأردن وجند فلسطين.

الغزو الروماني

خريطة توضح سيطرة تراجان على بلاد العرب حتى الهجرة (فعلياً مدائن صالح).

الرومنة

بصرى، عاصمة بلاد العرب الصخرية.


شعراء الصحراء

المصدر: ويل ديورانت: قصة الحضارة، م_3_ك_4_ج_24، الفصل الرابع

تقع بلاد العرب في الناحية الشرقية من البحر الأحمر؛ وقد عجز الفراعنة، والأكمينيون، والسلوقيون، والبطالمة، والرومان عن فتح تلك الجزيرة الغامضة العجيبة، ولذلك ظلّت صحراء العرب لا تعرف إلا العرب البدو، لكن في جزئها الجنوبي الغربي سلسلة جبلية تسيل فيها عدّة مجارٍ مائية فتلطّف حرارتها، وتنبت فيها أشجار الفاكهة وتخلق منها بلاد العرب السعيدة Arabia Felix أو بلاد اليمن كما يسمونها في هذه الأيام. وقد قامت في خبايا تلك البلاد مملكة سبأ الصغيرة التي ورد ذكرها في التوراة والتي يكثر فيها الكندر، والمُر، والقشية (خيار شنيروالقرفة، والصبر، والنردين، والسنا المكّي، والصمغ، والحجارة الكريمة. وقد استطاع أهلها أن يشيّدوا عند مأرب وغيرها من الأماكن مُدناً تزهو بهياكلها، وقصورها، وأروقتها المعمّدة(40). ولم يكتفِ تجّار العرب بأن يبيعوا محصولات بلادهم بأغلى الأثمان، بل كانوا يسيّرون فيها القوافل التجارية إلى بلاد شمالي آسية الغربي، وكانت لهم تجارة بحرية نشيطة مع مصر، وبارثيا، وبلاد الهند. وبعث أغسطس أبليوس جالس في عام 25 ق.م ليضم تلك المملكة إلى الإمبراطوريّة الرومانية، ولكن فيالقه عجزت عن الاستيلاء على مأرب وعادت إلى مصر بعد أن قضت الأوبئة وشدّة الحرارة على عدد كبير من رجالها. وحينئذ اكتفى أغسطس بتدمير مرفأ أدانا (عدن) العربي، فأمّن بذلك التجارة بين مصر والهند.

وكان أهم الطرق التجارية الممتدّة من مأرب إلى الشمال يخترق الطرف الشمالي الغربي من جزيرة العرب، المعروف عند الأقدمين باسم بلاد العرب البطرية نسبة إلى عاصمتها بطرة التي تبعد عن أورشليم بنحو أربعين ميلاً جهة الجنوب. وكان السبب في إطلاق هذا الاسم على المدينة أنها كانت قائمة وسط دائرة من الصخور الوعرة جعلتها أمنع من عقاب الجو. وفي هذا الجزء أقام العرب في القرن الثاني مملكة أخذت تزداد ثراءاً على مر الأيام حتى امتد سلطانها من لوس كوم Leuce Come على البحر الأحمر إلى دمشق، واشتملت على الجزء المصاقب لحدود فلسطين الشرقية وجراسا Gerasa وبُصرى. وبلغت هذه المملكة ذروة مجدها تحت حكم الملك أرتاس الرابع Aretas (9 ق.م 40م)، وأضحت بطرة في أيامه بلدة هلنستية، لغتها آرامية، وفنّها يوناني، وشوارعها في عظمة شوارع الإسكندرية. وتنتمي إلى هذا العصر القبور الضخمة المنقورة في الصخور القائمة في خارج المدينة، وهي ذات واجهات ساذجة خشنة ولكنها تُنئ عن القوّة، وعُمَد يونانية مزدوجة، يبلغ ارتفاعها في بعض الأحيان مائة من الأقدام. وبعد أن ضمّ تراجان المملكة الشمالية إلى إمبراطوريته (106) جعل بُصرى عاصمة ولاية بلاد العرب، فشادت تلك المدينة العمائر التي ترمز إلى ثرائها وسلطانها. واضمحلّت بطرة بعد أن أصبحت طرق القوافل التجارية تلتقي عند بُصرى وتدمر Palmyra، وإنحطّ شأن المقابر العظيمة حتى أضحت "مذاود ليلية لقطعان البدو"(41).

وكان أبرز مظاهر الإمبراطوريّة العظيمة كثرة مدائنها العامرة بالسكان، ولم تنشأ مُدن في عصر من العصور التالية لذلك العصر، إذا استثنينا القرن الحالي، بالكثرة التي أنشئت بها في ذلك العهد، فقد كان لوكلس، وبمبي، وقيصر، وهيرود، والملوك الهلنستيون، والأباطرة الرومان يفاخرون بما يُنشئون من المُدن الجديدة وبتزيين المُدن القديمة، حتى لقد كان يصعب على الإنسان وهو ينتقل نحو الشمال محاذياً للشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط أن يسير عشرين ميلاً دون أن تلقاه مدينة رَفَح (رافياوغزّة، وعسقلان، ويافا (جباوأبلونيا، والسامرة، وقيصريّة. وكانت هذه المُدن رغم وجودها في فلسطين نصف يونانية في سكانها، تسودها لغة اليونان وثقافتهم وأنظمتهم. فكانت والحالة هذه بمثابة جسور تنتقل عليها الهلنستية في غزوها الوثني لبلاد اليهود. وأنفق هيرود أموالاً طائلة في جعل مدينة قيصرية خليق بأغسطس الذي سميّت باسمه، فأنشأ لها مرفأ صالحاً جميلاً، ومعبداً شامخاً، وملهى ومدرجاً، وأقام فيها قصوراً فخمة وصروحاً كثيرة من الحجر الأبيض(42). وأنشئت في داخل البلاد مُدن أخرى يونانية فلسطينية ليفياس Livias، وفلادلفيا، وجراسا، وجندارا (قطرة Katra). وفي جراسا مائة عمود هي كل ما بقي من العُمَد التي كانت قائمة على جانبي شوارعها الرئيسية؛ وإن خرائب هياكلها، وملهاها، وحمّاماتها، ومجرى مائها لتنطق بما كانت عليه المدينة من الثراء في القرن الثاني بعد الميلاد.

وكانت جدارا، التي تتردد في خرائب ملهاها صدى ذكريات المسرحيات اليونانية، تشتهر بمدارسها، وأساتذتها، ومؤلفيها. وفيها عاش في القرن الثالث قبل الميلاد منبس Menippus الفيلسوف والفكاهي الكلبي الذي يعلم بهجائه أن كل شيء عدا الحياة الصالحة باطل، والذي كان مثالاً احتذاه لوسليوس، وفارو، وهوراس. وفي هذه المدينة "أثينة سوريا" أنشأ مليجر، أنكريون زمانه، قبل ميلاد المسيح بنحو ألف عام تلك المقطوعات الشعرية المصقولة التي كان يتغزّلُ فيها بجمال النساء والغلمان. وظلّ يكتب قصائد الحب حتى كلّ قلمه:


ما أحلى ابتسام الكأس للحبيب العزيز، بعد أن مسّها فم
زنوفيلا Zenophila الجميل. وما أسعدني إذا وضعت شفتيها
الورديتين على شفتيَّ، وعبت روحي عباً في عناق طويل


وكان لهيب من هذا النوع، خبا قبل الأوان، يشتعل قوياً في ذاكرته ذلك هو هليودورا Heliodora التي أحبّها في صور:

سأجدلُ البنفسج الأبيض، والآس الأخضر
سأجدل النرجس والزنبق اللامع
سأجدل الرعفران الحلو
والسنبل البري الأزرق
وسأجدل آخر الأمر الورد رمز الحب الأكيد
حتى يتألف منها جميعا تاج من الجمال
خليق بأن يزيّن غدائر هليودورا الحلوة
والآن وقد اختطفها الموت ولوّث الثرى زهرتهاالناظرة
فإني أتوسّل إليكِ يا أمنا الأرض
أن تكوني رحيمة حين تضمينها إلى صدركِ


وقد خلّد مليجر اسمه بأن جمع في "إكليل" (Sle`phamos) ما قاله شعراء اليونان في الرثاء من أيام سابفو Sapphs إلى أيام مليجر. ومن هذه المجموعة وأمثالها من المجموعات نشأت دواوين الشعر اليوناني . وفيها نجد أحسن المقطوعات الشعرية وأسوأها، فمنها ما هو مصقول كصقل الجواهر، ومنها ما هو أجوف كالغاز. ولم يكن من الحكمة أن تُقطف هذه "الأزهار" الأربعمائة من غصونها ليصنع منها هذا التاج الذابل.

ومن هذه الأبيات ما يحيي ذكرى بعض الموتى من عظماء الرحال، ومنها ما يخلّد ذكى تماثيل مشهورة، أو أقارب فارقوا هذه الدار. ومنها قبريات ذاتي، إذا صحّ ذلك التعبير. فقد كتبت إمرأة، ماتت وهي تلد ثلاثة أطفال في وقت واحد، تقول تلك المقالة السديدة: "وبعد هذا فلتطلب النساء الأبناء"(46). ومنها ما هو سهام موجّهة إلى صدور الأطباء، والنساء السليطات، ومجهّزي الموتى للدفن، ومعلّمي الأحداث، والديوثين، أو إلى صدر البخيل الذي أفاق من إغماءة لما شم رائحة فلس؛ أو النحوي الذي ظهر حفيدٌ له ذكراً ثم أنثى ثم شيئاً آخر هو ذكر وأنثى معاً(47)؛ أو الملاكم المحترف الذي اعتزل حرفته، وتزوّج، فكالت له زوجته ضربات أكثر مما كانت تكال له في حلبة الملاكمة؛ أو القزم الذي اختطفته بعوضة فظنّ أنه يعاني الآلام من اختطاف جلميدي. وثمّة مقطوعة تشيد بمدح "المرأة الشهيرة التي لم تضاجع إلا رجلاً واحداً"؛ ومقطوعات أخرى تقدّم بها القرابين للأرباب: ففي واحدة منها تُعلق ليس Lais مرآتها بعد أن أصبحت عديمة النفع لأنها لا تظهرها بالصورة التي كانت عليها من قبل، وفي أخرى نرى نيسياس Nicias تسلّم راضية منطقتها إلى فينوس بعد أن قضت في خدمة الرجال خمسين عاماً. وتمجّد بعض المقطوعات أثر النبيذ في توسع الشرايين وتقول إن هذا أحكم من الحكمة؛ ومنها واحدة تمجّد الزاني الذي يجمع في وقت واحد بين إثنتين والذي دُفن تحت الأنقاض بين ذراعي عشيقته؛ ومنها مراثي وثنية تصف قصر الحياة؛ ومنها توكيدات مسيحية ليوم البعث السعيد. ومعظمها، بطبيعة الحال، يمتدح جمال النساء والغلمان، ويتغنّى بنشوة الحب الموجعة. وإنك لَتَجد هنا كل ما ورد في الأدب بعد ذلك العصر عن آلام العاشقين وتجده موجزاً كاملاً، فيه من الأفكار أكثر مما في الشعر الإنجليزي في عصر إليزابث. من ذلك أن مليجر يتخذ بعوضة قوادة له، ويحملها رسالته إلى السيدة التي كان يحبها في تلك الساعة. وها هو ذا فلوديمس Philodemus ابن بلدته، والفيلسوف الذي يسدي النصح لشيشرون، يغنّي لمحبوبته زنثو Xantho أغنية حزينة فيقول:

يا ذات الخدين الأبيضين كلون الشمع
والصدر الناعم ذي العطر الشجي
والعينين اللتين تعشّشُ فيهما ربات الفن
والشفتين الحلوتين اللتين تفيضان بأكمل اللذات
غنّي لي أغنيتك
يا زنثو يا ذات الوجه الشاحب غنّي
ما أسرع ما تنقطع الموسيقى
أعيدي النغمة الحلوة الحزينة مرة بعد مرة
ومسّي الوتر بأصابعكِ العطرة
يا بهجة الحب، يا زنثو الشاحبة غنّي


بلاد العرب في أواخر الامبراطورية الرومانية

أثناء الحكم البيزنطي

الكراسي الرسولية

3

انظر أيضاً

وصلات خارجية

المصادر

  1. ^ Fergus Millar, Roman Near East, Harvard University Press, 1993
  2. ^ المدينة الوردية | سلطة العقبة الإقتصادية
  3. ^ مصر والبترائية العربية | المكتبة الرقمية العالمية
  4. ^ Reid, Sara Karz (2006). The Small Temple. Piscataway, NJ: Gorgias Press. "Reid explores the nature of the small temple at Petra and concludes it is from the Roman era."
  5. ^ انتشار المسيحية في البتراء | أبونا

المراجع

  • G. W. Bowersock, Roman Arabia, (Harvard University Press, 1983)
  • Fergus Millar, Roman Near East, (Harvard University Press, 1993)