المشاركة المغربية في حرب أكتوبر 1973

نصب تذكاري لدور التجريدة المغربية في تحرير مدينة القنيطرة السورية في حرب تشرين التحريرية.

شاركت المملكة المغربية في حرب أكتوبر عام 1973 بإرسال قوة عسكرية بلغ عدد أفرادها نحو ستة آلاف جندي إلى الجبهة السورية. بدأت القصة في مايو 1973، حين طلب الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد من الملك الحسن الثاني ملك المغرب آنذاك إجراء تدريبات عسكرية مشتركة. استجاب الملك الحسن الثاني بإرسال وحدة عسكرية إلى سوريا، موضحًا أن مهمتهم لا تقتصر على التدريب، بل إنهم تحت تصرف القيادة السورية الكاملة متى اندلعت الحرب.

وصلت القوات المغربية إلى الأراضي السورية في يونيو 1973، وبدأت تدريباتها الميدانية بقيادة اللواء عبد السلام الصفريوي، استعدادًا لأي مواجهة مرتقبة. ومع اندلاع الحرب في السادس من أكتوبر 1973، شاركت هذه القوات إلى جانب الوحدات السورية والعراقية في معارك الجولان والقنيطرة وجبل الشيخ.

إلا أن الجنود المغاربة واجهوا تحديات كبيرة منذ البداية، حيث زُودوا بتسليح محدود نسبيًا يقتصر على الأسلحة الخفيفة، والمدافع الآلية، والبازوكا، والقنابل اليدوية، دون دعم كافٍ من الدبابات أو الطيران. ورغم ذلك، أبدت القوات المغربية شجاعة كبيرة وتمكنت من صد هجمات إسرائيلية مكثفة، محققة نجاحات ميدانية في ظل نقص الدعم اللوجستي والتسليحي.

مع احتدام المعارك، انسحبت بعض الوحدات السورية المجاورة، تاركة القوات المغربية تقاتل منفردة في مواجهة التقدم الإسرائيلي، قبل أن تصل التعزيزات العراقية لتثبيت الجبهة ومنع القوات الإسرائيلية من بلوغ دمشق.

لاحقًا، قررت القوات المغربية بقيادة اللواء الصفريوي تنفيذ هجوم مضاد باتجاه هضبة الجولان، في محاولة لتحريرها رغم محدودية التسليح والدعم. وبالفعل تمكنت من تحقيق تقدم ملحوظ، وأجبرت الوحدات الإسرائيلية البرية على التراجع مؤقتًا. إلا أن غياب الغطاء الجوي العربي سمح للطيران الإسرائيلي بشن هجمات مكثفة على مواقع المغاربة، مما تسبب في خسائر بشرية كبيرة في صفوفهم، ووُصفت تلك المعركة بأنها من أكثر فصول الحرب دموية.

ورغم النداءات المتكررة التي وجهها القائد المغربي إلى القيادة السورية لطلب الإسناد الجوي، لم يصل أي دعم، قبل أن تتدخل الطائرات الإسرائيلية وتقصف مواقع القوات المغربية بشكل مباشر. وأُجبرت الوحدات المغربية في النهاية على الانسحاب بعد قتال عنيف استمر حتى آخر الذخيرة.

في الوقت ذاته، حاول الملك الحسن الثاني إرسال تعزيزات إضافية إلى الجبهة المصرية، خاصة بعد علمه بقلة القوات العربية المساندة هناك. إلا أن الموافقة الرسمية من الجانب المصري لم تصل إلا في 24 أكتوبر، أي بعد وقف إطلاق النار الأول، لتصل قوة مغربية قوامها خمسة آلاف جندي إلى مصر في 28 أكتوبر، بعد وقف إطلاق النار الثاني، دون أن تشارك فعليًا في القتال.

عانت التجريدة المغربية على الجبهة السورية من خسائر فادحة، إذ استشهد عدد كبير من الجنود، وأصيب آخرون بإصابات بالغة أو إعاقات دائمة. ولم تُعرف على وجه الدقة أسباب ضعف التنسيق والدعم الجوي السوري لتلك القوات، ما أثار تساؤلات ظلّت دون إجابة حتى اليوم.

لاحقًا، كرّم الملك الحسن الثاني أفراد القوات العائدين إلى المغرب، وأشاد بشجاعتهم في الميدان. ومع مرور السنين، ظلّت مشاركتهم تُعرف باسم "التجريدة المغربية المنسية" — تخليدًا لجنود قاتلوا بشجاعة في صمت، وسقطوا في معركة لم يُذكروا فيها كثيرًا.[1]

وسميت في العاصمة دمشق ساحة بإسمهم "التجريدة المغريبة" وهي واحدة من أهم الساحات من ضمن مركز المدينة المعروفة بـ السبع بحرات، تكريماً ووفاء لبطولاتهم الشجاعة والنبيلة تجاه السوريين من خلال مشاركتهم جنباً إلى جنب في الحرب ضد الكيان الإسرائيلي.

مدينة القنيطرة السورية شهدت ملحمة تاريخية للجنود المغاربة في 1973، و لا زالت قبورهم شاهدة على بطولة التجريدة المغربية في القتال بجانب الجيش السوري ضد الصهاينة، وهو ما بقي مسجلا عند الشعب السوري للآن.


المصادر

  1. ^ "مشاركة المغرب في حرب أكتوبر ١٩٧٣". Alaa Hammouda. 2025-10-12. Retrieved 2025-10-14.