نجمة أغسطس (رواية)

نجمة أغسطس
نجمة-اغسطس-دار-الهدي-بيت-الكتب.jpg
غلاف رواية نجمة أغسطس
المؤلفصنع الله إبراهيم
البلدمصر
اللغةالعربية
الموضوعأتخذ الكاتب من مشروع تشييد «السد العالي» موضوعاً رئيسياً لروايته التي قدم من خلالها شهادة عن العصر والحدث، ورصد التحولات الاجتماعية.
الناشردار الهدى للنشر والتوزيع
تاريخ النشر
1974
الصفحات270 صفحة
رواية نجمة أغسطس. لقراءة وتحميل الكتاب، اضغط على الصورة.

نجمة أغسطس هي رواية للكاتب المصري صنع الله إبراهيم أصدرها عام 1974، وتُعد واحدة من المحطات البارزة في مسيرته الأدبية، بل ومن التجارب المميزة في مسار الرواية العربية الحديثة. فبجانب كونها ثاني أعماله الروائية، تكشف الرواية عن نزوع فني وتجريبي واضح، حاول فيه الكاتب أن يبتكر شكلًا جديدًا للسرد يتجاوز القوالب التقليدية.

اتخذ صنع الله إبراهيم من مشروع تشييد السد العالي نقطة انطلاق لروايته، لكنه لم يقدمه كحدث هندسي أو وطني فحسب، بل كبنية سردية تُمكّنه من تفكيك اللحظة التاريخية، والتقاط التحولات الاجتماعية والسياسية التي رافقت ذلك المشروع. ومن خلال هذا المزج بين التوثيق الفني والتحليل الاجتماعي، جاءت «نجمة أغسطس» بمثابة شهادة جمالية على عصر بأكمله، وتجربة رائدة في التجديد الروائي العربي.[1][2][3]

خلفية

قضى صنع الله إبراهيم سبع سنوات في كتابة رواية نجمة أغسطس، مؤكّدًا أنه لن يغيّر شيئًا منها لو أعاد كتابتها اليوم، رغم ما تحمله من تجريب وأخطاء طبيعية في مسيرة أي كاتب، حتى لدى كبار الأدباء. جاءت الرواية في سياق موجة التجريب آنذاك، حيث سعى إلى تحقيق انسجام بين الشكل والمضمون.

اعتمد إبراهيم على التوثيق كركيزة أساسية، فجمع الأخبار والمشاهدات المباشرة ليقدّم صورة بانورامية لبناء السد العالي، مغايرة للخطاب الدعائي السائد. ومع أنه بات أكثر ميلاً للبساطة والوضوح في أسلوبه، فإنه يرى أن التجريب يظل مهمًا ما دام يحافظ على التواصل مع القارئ. ويعود اهتمامه بالتوثيق إلى كتابه إنسان السد العالي الذي أعدّه مع كمال القلش، قبل أن يوظّف هذا النهج بعمق في رواية نجمة أغسطس.

"قال بعد لحظة إنه يريد أن يكتب شيئًا يُعبِّر به عن الإنسان الجديد الذي وُلد مع السد العالي، وإنه فكَّر أمسِ في سيناريو للسينما؛ مهندس يأتي إلى السد ويترك فَتاتَه الثَّرِية في القاهرة على مَضض، ويوشك أن يعود إليها بعد أن عجَز عن احتمال الحر والإرهاق والوَحْشة، لكن العمل ما يلبث أن يغيِّره، فيترك الفتاة ويستقر في أسوان السد".

الحبكة

تدور أحداث الرواية في مدينة أسوان جنوب مصر خلال سنوات بناء السد العالي. من الناحية السياسية كان بناء السد تحدياً للغرب بعد أن رفض البنك الدولي بإيعاز من الولايات المتحدة تمويل المشروع عقاباً لمصر على تقاربها آنئذ مع دول الكتلة الشرقية في زمن الحرب الباردة. نجمة أغسطس هي في جزء كبير منها رواية وثائقية، وهو أسلوب في الكتابة أثير عند صنع الله إبراهيم. تسجل الرواية في شيء غير قليل من التفصيل وفي نثر يتسم بالحيدة التقريرية عمليةَ بناء السد في المرحلة الوسطى بعد تحويل مجرى النيل. ويُذكر أن الوصف قائم على معاينة شخصية للكاتب خلال زيارة قام بها للموقع في صيف 1965 وكان سبق له أن سجلها في كتاب غير قصصي بعنوان إنسان السد العالي اشترك في كتابته مع آخرين ونُشر سنة 1967.[4]

على أن نجمة أغسطس ليست بحال من الأحوال رواية احتفائية. هي على العكس رواية مهمومة بالقمع السياسي، حيث نجد الكاتب يداول في فصولها بين وصف الإنجاز العظيم الجاري ومشاهد استرجاعية تصور الراوي، الذي هو أيضاً الشخصية الرئيسية وقناع للمؤلف، في سنوات السجن السياسي والتعذيب، وهو ما نعلم أنه وقع لصنع الله إبراهيم وكثيرين غيره في أواخر الخمسينات ضمن حملة تطهير ليساري مصر زمنَ عبد الناصر. ويلجأ الكاتب إلى رفد تيمة القمع السياسي عن طريق موازاة مستترة في النص بين ملك مصري قديم، رمسيس الثاني، الذي شكل الحرص على إنقاذ آثاره من الغرق في مياه السد جهداً مصاحباً للمشروع، وبين الفرعون أو الحاكم المطلق المعاصر، جمال عبد الناصر، الذي كان السد العالي بمثابة الصرح الجديد لتخليد ذكراه أسوة بتماثيل رمسيس الثاني ومعابده. هكذا تطرح الرواية علينا موضوعين متماثلين في القوة، وإن كانا يمثلان مفارقة. أحدهما هو تشييد السد العالي، ذلك الإنجاز العظيم، والآخر هو تقويض روح الإنسان المصري، باني السد، على يد الحكم الشمولي المستبد.

في البداية، يتردد المهندس بين العودة للقاهرة وإكمال العمل، لكنه يجد نفسه يتغير تدريجياً بسبب أجواء العمل والحر والوحشة في أسوان. يقرر المهندس في النهاية ترك حبيبته والاستقرار بشكل دائم في أسوان، متأثراً بتغير شخصيته وعمله في بناء السد. في إطار رحلته إلى أسوان، وتفاعله مع أحداث بناء السد، تأخذنا الرواية على لسان المهندس صلاح الدين، للتطرق إلى أحوال مصر في ذلك الوقت، والمعتقلات، والعمَال الفاعلين الحقيقيين في بناء السد، وقُرى النوبة التي غرقت نتيجة له، والطريقة العبقرية التي نُقل بها معبد أبو سمبل، فجاءت الرواية صورةً حية ونابضة لبناء السد العالي؛ الحدثِ الأهم في تاريخ مصر الحديث.[5]

لا تقدم رواية نجمة أغسطس شخصيات بالمعنى التقليدي، فالشخصية الرئيسية هي رجل عادي لا يحمل اسماً أو عنواناً، وكذلك الشخصيات الثانوية تظل مسطحة بلا ملامح محددة، حيث تهدف الرواية إلى كسر النمط التقليدي في بناء الشخصية الروائية من خلال التركيز على الرجل العادي بدلاً من البطل التقليدي. ولا يوجد بطل مميز وله خصائص محددة، بل شخصية رجل عادي تمثل مواطنًا عاديًا. تفتقر الشخصيات الثانوية إلى العمق والملامح، فهي مجرد وظائف أو أسماء تخدم النص دون تطور أو تفاصيل، إذ يهدف صنع الله إبراهيم في نجمة أغسطس إلى الخروج من الأساليب التقليدية في رسم الشخصية، وذلك بجعلها غائبة أو مسطحة لتعكس حالة رجل عادي.

نقد

اعتبرت دراسة إيرانية أن رواية نجمة أغسطس لصنع الله إبراهيم كسرت تقاليد الواقعية القديمة بغياب البطل التقليدي واعتماد شخصيات ثابتة لا تتطور، في محاولة لتقديم شكل جديد يقترب أكثر من الواقع. أما الكاتب ناهض حتر فرأى أن الرواية كشفت صورة السد العالي من الداخل، باعتباره إنجازًا كبيرًا لكنه يحمل أيضًا أبعادًا روحية واجتماعية معقدة، مما ساعد القارئ على رؤية الواقع بوعي نقدي مختلف. وفي الأهرام، وصف إبراهيم فرغلي الرواية بأنها عمل استثنائي جمع بين التوثيق والخيال وأدب الرحلة، ليعكس رموزًا ودلالات عن واقع مصر في تلك المرحلة.

المصادر

  1. ^ "التأريخ ما بعد الحداثي في كتابات صنع الله إبراهيم". موقع الكتابة الثقافي. 2022-01-11. Retrieved 2022-06-27.
  2. ^ "تلك الرائحة، صنع الله ابراهيم (مصر)، رواية - موقع اللغة والثقافة العربية". langue-arabe.fr. 2022-06-27. Retrieved 2022-06-27.
  3. ^ "نجمة أغسطس". goodreads.com. Retrieved 2022-06-27.
  4. ^ "«نجمة أغسطس» و«أميركانلي»... قمع الفرد بين نظامين". جريدة الشرق الأوسط. 2025-06-03. Retrieved 2025-08-28.
  5. ^ "نجمة أغسطس.. رواية صنع الله إبراهيم عن بناء السد العالي". youm7. 2025-08-17. Retrieved 2025-08-24.